للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من السلعة هي أمانة عظيمة وجزء من أهله وإذا فكرنا هذا التفكير وبلغنا هذه النتيجة عرفنا أن المال لا قيمة له وأن المغالاة في المهور ونفقات الزواج لا مبرر لها فلنرجع إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألا لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه ولا أُصْدِقَتِ امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن الرجل ليغل في صداق امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت إليك علق القربة أي تكلفت دفع كل شيء عندي إليك حتى علق القربة وهو الحبل الذي تعلق به. فإذا رجعنا إلى ما كان عليه السلف الصالح من تقليل المهور تيسرت أمور الزواج وعظمت بركاته وانتفع بذلك الرجال والنساء. إن هذه المغالاة في المهور توجب تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح أو محاولة الزواج من الخارج الذي قد يسبب له مصاعب ومتاعب كثيرة وربما يحصل به تغيير المجتمع في عاداته وأحواله وربما في عبادته لأن للخلطة تأثيرًا كثيرًا في تغيير هذه الأمور.

أيها المسلمون إن كثيرًا من الأولياء الآباء وغيرهم يشترطون على الزوج الخاطب مالًا يدفعه إليهم وسيكون هذا المال بالتأكيد على حساب مهر المرأة وهذا أكل للمال بالباطل فالمهر كله للزوجة قال الله تعالى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] فأضاف الصداق إليهن. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح أي بعد عقده فهو لمن أعطيه» .

فاتقوا الله عباد الله ودعوا مهور النساء لهن ولا تشترطوا لأنفسكم شيئًا منه فإن ذلك اقتطاع بغير حق وسبب للتلاعب بولاية النكاح حيث يلاحظ الولي هذا الشرط فيزوج من يعطيه أكثر ويمنع من لا يعطيه ضاربًا بمصلحة موليته عرض الحائط وهذا إهدار للأمانة وخيانة للولاية فأدوا الأمانة واحفظوا الولاية {لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٢٧ - ٢٨]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>