للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب فكان فيما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم حق في كتاب الله على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل (يعني الحمل) أو الاعتراف هكذا أعلن أمير المؤمنين على منبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الملأ حتى لا ينكر الرجم إذا لم يجدوا الآية في كتاب الله تعالى والله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت وقد نسخت آية الرجم من القرآن لفظا وبقي حكمها إلى يوم القيامة لتتميز هذه الأمة عن بني إسرائيل بالانقياد التام فبنو إسرائيل فرض عليهم رجم الزاني إذا أحصن ونصه في التوراة وحاولوا إخفاءه حين قرأ قارئهم التوراة عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه الأمة نسخ الله لفظ آية الرجم فلا توجد فيه لفظا فعملوا بها لعلمهم ببقاء حكمها وتنفيذ رسولهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين لهذا الحكم. وإنما كانت عقوبة الزاني المحصن بهذه الصورة المؤلمة دون القتل بالسيف لأن هذه العقوبة كفارة للذة محرمة اهتز لها جميع بدنه فكان من المناسب والحكمة أن تشمل العقوبة جميع بدنه بألم تلك الحجارة.

إن عقوبة الزاني بهذين النوعين من العقوبة لفي غاية الحكمة والمناسبة: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ١٣٢] وإن إيجاب عقوبة الزاني من رجل أو امرأة لعين الرحمة للخلق لما فيه من القضاء على مفسدة الزنا المدمر للمجتمعات المفسد للأخلاق والسلوك الموجب لضياع الأنساب واختلاط المياه المحول للمجتمع الإنساني إلى مجتمع بهيمي لا يهتم إلا بملء بطنه وشهوة فرجه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: ٣٢]

أما اللواط وهو جماع الذكر للذكر فلذلكم الفاحشة العظمى والجريمة النكراء هدم للأخلاق ومحق للرجولة وقتل للمعنوية وجلب الدمار وسبب للخزي والعار وقلب للأوضاع الطبيعية تمتع في غير محله واستحلال في غير حله الفاعل ظالم لنفسه حيث جرها إلى هذه الجريمة والمفعول به مع ذلك مهين لنفسه حيث رضي أن يكون مع الرجال بمنزلة النسوان لا تزول ظلمة الذل والهوان من وجهه حتى يموت أو يتوب توبة نصوحا يستنير بها قلبه ووجهه وكلاهما الفاعل والمفعول به ظالم لمجتمعه حيث نزلوا بمستوى المجتمع إلى هذه الحال المقلوبة التي لا ترضاها ولا البهائم ومن أجل مفاسده العظيمة كانت عقوبته أعظم من عقوبة الزنا

<<  <  ج: ص:  >  >>