للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «كل خمر (وفي رواية كل مسكر) حرام» (رواه مسلم) . وأجمع علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وقديم الزمان وحديثه على أن الخمر حرام إجماعا قطعيا لا ريب فيه فمن قال إنها حلال فهو كافر يستتاب فإن تاب وأقر بتحريمها ترك وإلا قتل كافرا مرتدا لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين وإنما يرمس بثيابه في حفرة بعيدة لئلا يتأذى المسلمون برائحته وأقاربه بمشاهدته ولا يرث أقاربه من ماله وإنما يصرف ماله في مصالح المسلمين ولا يدعى له بالرحمة ولا النجاة من النار لأنه كافر مخلد في نار جهنم: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا - خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا - يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب: ٦٤ - ٦٦] أيها المسلمون إن من اعتقد أن الخمر حلال فهو مضاد لله مكذب لرسوله خارج عن إجماع المسلمين {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] أما من شرب الخمر وهو يؤمن ويعتقد بأنها حرام ولكن سولت له نفسه بها فشربها فهو عاص لله فاسق عن طاعته مستحق للعقوبة عقوبته في الدنيا أن يجلد بما يراه ولاة الأمور رادعا له ولغيره بشرط أن لا ينقص عما جاء عن السلف الصالح. كان شارب الخمر في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يضرب نحو أربعين ولم يسنه بقدر معين بل كان الناس يقومون إليه فيضربونه بالأيدي والجريد والأردية والنعال فلما عثا الناس فيها وفسقوا جمع عمر الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم في عقوبة تكون أردع للناس الفاسقين بشربها فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أخف الحدود ثمانين فجعله عمر ثمانين، فإذا تكرر من الشارب الشرب وهو يعاقب ولا يرتدع، فقال ابن حزم: يقتل في الرابعة وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه إذا لم ينته الناس بدون القتل وهذا عين الفقه؛ لأن الصائل على الأموال إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل، فما بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع وصلاحه وفلاحه؛ لأن ضرر الخمر لا يقتصر على صاحبه بل يتعداه إلى نسله ومجتمعه.

هذه عقوبة شارب الخمر في الدنيا أما عقوبته في الآخرة فقال أنس بن مالك رضي الله عنه: «لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>