لله مخلصين له الدين وسوف تكون العاقبة لهم إن العاقبة للمتقين.
أيها المسلمون، إن الأمة لا يمكن أن تكون أمة قوية مرموقة حتى تتحد في أهدافها وأعمالها ولن يمكنها ذلك حتى تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتكون على دين واحد في العقيدة والقول والعمل صراطا مستقيما صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض. أما إذا لم تقم بذلك فإنها تتفكك وتنفصم عراها يكون لكل واحد هدف ولكل واحد طريق وعمل يتفرقون أحزابا كل حزب بما لديهم فرحون {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[الأنعام: ١٥٩]
أيها المسلمون، إذا لم نقم بأمر الله ونسعى في إصلاح مجتمعنا بالالتزام بدين الله فمن الذي يقوم ويسعى بذلك وإذا لم نتكاتف على منع الشر والفساد فكلنا هالك. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون جليسه أو يأكل معه فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوبهم بعضهم على بعض ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكان يعتدون» ، ثم قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم» ولما فتح المسلمون جزيرة قبرص فرق أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرئى أبو الدرداء رضي الله عنه يبكي فقيل له ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، فقال ويحك ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا هم أضاعوا أمره بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.
أيها المسلمون، إن من المؤسف المروع أن نرى مجتمعنا الإسلامي أمة محمد هكذا شعبا متفككا، لا يغارون لدين ولا يخافون من وبال، لا يتفقد الرجل أهله وولده ولا ينظر في جيرانه، بل تراه يرى المعاصي فيهم لا ينهاهم عنها ويرى التقصير في الواجب فلا يتداركه وهذا أيها المسلمون ينذر بالحظر لا سيما مع كثرة النعم والانغماس في الترف يقول الله سبحانه وتعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء: ١٦]