للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لوزيره هامان ساخرا بالله رب العالمين: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦ - ٣٧] ولكن موسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ صبر على كل ما لاقاه من فرعون وقومه حتى كانت العاقبة له وكانت نتيجة فرعون وقومه ما ذكر الله: {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ - كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ - وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ - كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان: ٢٤ - ٢٨]

وهذا عيسى عليه الصلاة والسلام وأوذي من جانب اليهود فكذبوه ورموا أمه بالبغاء أي الزنا وعزموا على قتله واجتمعوا عليه فألقى الله شبهه على رجل فقتلوا ذلك الرجل وصلبوه وقالوا: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: ١٥٧] قال الله تعالى مكذبا لما ادعوه من القتل والصلب: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا - بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٧ - ١٥٨]

وهذا خاتم الرسل وأفضلهم وسيدهم أعظم الخلق جاها عند الله هل سلم من الأذى في دعوته إلى الله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر؟ لا بل ناله على ذلك من الأذى القولي والفعلي ما لا يصبر عليه إلا من كان مثله ولم ينته عن دعوته إلى الله عز وجل، دعاهم إلى عبادة إله واحد {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ - أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٤ - ٥] وكانوا إذا رأوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اتخذوه هزوا وقالوا ساخرين به: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا - إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [الفرقان: ٤١ - ٤٢] {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: ٦] {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} [الفرقان: ٨] {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠] فآذوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكل ألقاب السوء والسخرية ولم يقتصروا على ذلك فحسب بل آذوه بالأذى الفعلي فكان أبو لهب وهو عمه وجاره يرمي بالقذر على باب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيزيله ويقول «يا بني عبد مناف أي جوار هذا» . وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «بينما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائم يصلي عند الكعبة وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال قائل منهم أيكم يذهب إلى جزور آل فلان أي ناقتهم فيجيء بسلاها ودمها وفرثها فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فذهب أشقى القوم فجاء به فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>