للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموظفون أمانتهم في وظائفهم أن يقوموا بها على الوجه المطلوب، وأن لا يتأخروا في أعمالهم أو يتشاغلوا بغيرها إذا حضروا مكان العمل وأن لا يتعدوا في أمر لا يعنيهم فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. إن بعض الموظفين يخدعون أنفسهم حينما يحدثونها إذا تأخروا عن واجبهم بأن هذه الأنظمة ليست أمورا دينية أو أن الأجرة أو الراتب الذي يأخذه من بيت المال ونحو ذلك، وهذه خدعة يغترون بها. أما النظام فما دام ولاة الأمور قد نظموه وهو لا يخالف الشريعة فإن الواجب طاعتهم فيه، وطاعتهم فيه من طاعة الله قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] وأما الراتب الذي تأخذه من بيت المال فإنما تستحقه في مقابلة عمل، فإن قمت بالعمل كان الراتب حلالا لك وإلا فما الذي يحلله لك ويحرمه على الآخرين الذين ليسوا في وظيفة عن من لا يقوم بواجب وظيفته هو في استحقاق ما يستحقه من بيت المال ومن ليس بموظف على حد سواء. فاتق الله أيها المسلم، وقم بما يلزمك نحو وظيفتك طاعة لله واتقانا للعمل، وإبراء للذمة وتحليلا لراتب وظيفتك.

وإن من واجب الأمانة في الوظيفة أن لا تقدم معاملة أحد على أحد أولى منه، لأنه قريبك أو صديقك أو أهدى إليك هدية أو دفع إليك رشوة، أو ترجو منه أن يسهل لك مهمة أخرى من قبله أو لغير ذلك من الاعتبارات غير الشرعية، فإن بعض الناس يتهاون بذلك وهو من خيانة الوظيفة ومن ظلم الخلق تجد شخصين يقدمان كل منهما معاملة فتنتهي معاملة أحدهما في أيام ولا تنتهي معاملة الثاني إلا في شهور من غير اعتبار شرعي يخول ذلك التقديم، ربما يتعلل بأن هذا شرس يجب أن يفتك منه أو نحو ذلك، وهذا غير مبرر للتقديم ولولا واجب العدالة لقلت إن الشرس ينبغي أن يؤخر عقوبة له على شراسته.

ورعاة الأمور الذين شرفهم الله برعاية مصالح البلد ورزقهم من الوجاهة والحسب ما استحقوا به أن يكون رعاة لمصالح بلدهم أمانتهم، أن يقوموا بهذه الرعاية حق رعايتها، مشيرين فيما لا يستطيعون الإلزام به، وملزمين فيما لهم حق الإلزام به وأن يراعوا المصالح الدينية والدنيوية فيما رفع إليهم وما لم يرفع لأنهم، رعاة مصلحة البلد ومتى بذلوا الجهد مخلصين لله تعالى مبتغين مصلحة بلدهم سالكين سبيل الحكمة والعزم فسيوفقهم الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>