للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويهيئ لهم من المسئولين آذانا صاغية وأعمالا جادة فإن الله لا يضيع أجر المصلحين.

وولاة الأمور الخاصة كالرجل في أهله وولده، أمانتهم أن يقوموا بتربية أولادهم وتوجيههم وإرشادهم ومراقبتهم مراقبة تامة، لا سيما في الوقت الذي تكثر فيه الفتن وتشتد فيه المنكرات، فإن الأمانة تحتم عليهم الرقابة أكثر مما إذا خفت الفتن وقلت المنكرات، ألسنا في أموالنا إذا كثرت السرقة وكثرت الخيانة نتحفظ فيها أكثر ونطلب لها المكان الأحرز فكذلك يجب علينا في أولادنا، بل ملاحظة أولادنا أوجب علينا من ملاحظة المال، لما في إهمالهم من الخطر علينا وعلى أنفسهم وعلى الأجيال المقبلة كلها، إن أولادنا وليس أموالنا هم الذين يصحبوننا في الجنة إذا تبعونا في الإيمان: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١] إن كل واحد من الناس لا يرضى أن يكون منعما في الجنة وأولاده معذبين في النار. إننا نجزم أن الشخص لو رأى النار في الدنيا تأكل ولده أو قريبه لسعى بكل جهده في دفعها عنه، أفلا يعقل ويقيس كيف يرى ولده يسعى في المعاصي التي هي أسباب دخول النار ثم لا يبالي بذلك مع أن إهماله يوجب أن يعذب عليه لأنه عاص لله حيث قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦]

فاتقوا الله أيها المسلمون وأدوا أمانة الله التي حملتموها فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٢٧ - ٢٨]

وفقني الله وإياكم لأداء الأمانة وحمانا جميعا من الإضاعة والخيانة وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>