كما زين لغيره من أهل الشر والفساد سوء عمله فرآه حسنا فالمنافقون زين في قلوبهم النفاق:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}[البقرة: ١١] فقال الله فيهم: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}[البقرة: ١٢] عباد الأصنام زين في قلوبهم عبادتها، وقالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣] وهي في الواقع لا تزيدهم من الله إلا بعدا.
أيها الناس: إن كل مفسد ربما يدعي أنه مصلح أو ربما يظن أنه مصلح بسبب شبهة عرضت له فالتبس عليه الإفساد بالإصلاح أو بسبب إرادة سيئة زينت له، فاتبع هواه ولكن الصلاح كل الصلاح باتباع شريعة الله وتنفيذ أحكامه والعمل بما يرضيه.
أيها المسلمون: إن من الناس من يشهد لشخص بما لا يعلم أنه يستحقه بل بما يعلم أنه لا يستحقه يدعي أنه عاطف عليه وراحم له بذلك والحق أن هذا الشاهد لم يرحم المشهود له ولم يرحم نفسه، بل أكسبها إثما بما شهد به وأكسب المشهود له إثما فأدخل عليه ما لا يستحقه وظلم المشهود عليه إن كان فاستخرج منه ما لا يجب عليه.
إن من الناس من يشهد للموظف المهمل لوظيفته بمبررات لإهماله لا حقيقة لها فيشهد له بالمرض وهو غير مريض، أو يشهد له بشغل قاهر وهو غير مشغول، أو يشهد له بنقل أهله إلى مقر عمله الجديد وهو لم ينقلهم، أو باستئجاره سيارة وهو لم يستأجر، أو يشهد بأجرة أكثر مما استأجرها به، وكل هذا من الشهادة بالباطل. وإن من الناس من يشهد لشخص بأنه قام بالوظيفة منذ وقت كذا وهو لم يقم بها ولم يباشرها، يزعم الشاهد بذلك أنه يريد الإصلاح بنفع المشهود له ولم يدر أنه بهذه الشهادة ضر نفسه وضر المشهود له وأفسد على نفسه وعلى المشهود له ما أفسد من دينه.
لقد قال الله تعالى بعد أن أمر بإقامة الشهادة بالقسط، قال:{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}[النساء: ١٣٥] فلا تشهد لغني من أجل غناه ولا لفقير من أجل فقره، فإن الله أولى بهما بل أقم الشهادة لله وحده.
أيها المسلمون: إن شهادة الإنسان بما لا يعلمه علما يقينا مثل الشمس أو بما يعلم أن الواقع بخلافه سواء شهد للشخص أو عليه هي من شهادة الزور التي حذر منها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعلها من أكبر الكبائر، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «ثلاثا ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول الله قال