للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة الثالثة في قصة موسى مع فرعون الحمد لله العلي الكبير المتفرد بالخلق والتدبير الذي أعز أولياءه بنصره وأذل أعداءه بخذله فنعم المولى ونعم النصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما. أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واذكروا أيام الله لعلكم تذكرون اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلكم تشكرون واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومن والاهم لعلكم تتقون واذكروا أيام الله إذا أنزل للقضاء بين عباده يوم القيامة لعلكم توقنون. أيها الناس إن نصر الله تعالى لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة انتصار للحق وذلة للباطل وأخذ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة لأنهم يسرون بذلك وينعمون به بالا. وفي هذا الشهر كانت نجاة موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده فلقد أرسله الله تعالى إلى فرعون بالآيات البينات والبرهان القاطع على نبوته إلى فرعون وقومه فرعون الذي تكبر على الملأ وقال أنا ربكم الأعلى فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد الله تعالى خالق السماوات والأرض رب العالمين فقال فرعون منكرا ومكابرا: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٢٣] أنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض وفي كل شيء له آية تدل على وجوده وربوبيته وعلمه وقدرته وحكمته وأنه الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما هو متفرد بالخلق والتدبير فأجابه موسى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: ٢٤] فإن في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيمان واليقين فرد فرعون ساخرا بموسى ومستهزئا به ومحتقرا له قائلا لمن حوله: {أَلَا تَسْتَمِعُونَ} [الشعراء: ٢٥] فأجاب موسى مذكرا لهم أصلهم وأنه مخلوقون مربوبون وكما خلقوا فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين فقال: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ٢٦] وحينئذ بهت فرعون فادعى دعوى الكاذب المغبون فقال: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: ٢٧] فطعن بالرسول وبمن أرسله فأجاب موسى مبينا من الأحق بوصف الجنون أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم المنكر لذلك فقال: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: ٢٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>