للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- (١)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٢).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا)) (٣).

وجه الاستدلال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث عن استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة، والنهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم، وخُص البنيان من العموم بما يأتي من حديث ابن عمر وعائشة جمعاً بين الأحاديث (٤).

الدليل الثاني: عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ (٥) فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا (٦)، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى)) (٧).

وجه الاستدلال: أن النهي في الحديث يدل على تحريمه في الفضاء دون البنيان؛ لقوله (إذا أتيتم الغائط) والغائط هو الموضع المطمئن من الأرض، وذلك لا يكون إلا في الفضاء (٨).

جاء في (المدونة): «قال مالك: إنما يعني بذلك فيافي الأرض، ولم يعنِ بذلك القرى


(١) يُنظر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ٣٧)، عمدة القاري (٢/ ٢٧٨).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ١٢٠)، الفروع (١/ ١٢٦).
(٣) سبق تخريجه ص: (١٠٨).
(٤) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، المجموع (٢/ ٨٢).
(٥) الغَائِطُ: الغَوْطُ: عمق الأرض الأبعد، ومنه قيل للمطمئن من الأرض: غائط، ومنه قيل لموضع قضاء الحاجة: الغائط؛ لأن العادة أن الحاجة تُقضى في المنخفض من الأرض؛ حيث هو أستر له، ثم اتسع فيه حتى صار يُطلق على النجو نفسه. يُنظر: مقاييس اللغة (٤/ ٤٠٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٩٥).
(٦) (شرِّقوا أو غرِّبوا): محمول على محل يكون التشريق والتغريب فيه مخالفاً لاستقبال القبلة واستدبارها: كالمدينة وما في معناها من البلاد، ولا يدخل فيه ما كانت القبلة فيه إلى المشرق أو المغرب. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٤٦٥)، نيل الأوطار (١/ ١٠٦).
(٧) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم (١/ ٨٨) برقم: (٣٩٤)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة (١/ ٢٢٤) برقم: (٢٦٤).
(٨) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤).

<<  <   >  >>