للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدلوا بأحاديث النهي (حديث أبي أيوب، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- وبأحاديث الجواز (حديث ابن عمر، وجابر، وعائشة -رضي الله عنهم-.

وجه الاستدلال: قالوا: يُحمل النهي على الكراهة؛ بدلالة فعله -صلى الله عليه وسلم- الوارد في حديث ابن عمر وجابر وعائشة -رضي الله عنهم-، لأنها جاءت لبيان الجواز؛ فهي صارفة للنهي عن معناه الحقيقي وهو التحريم إلى الكراهة (١).

أدلة القول الرابع: استدل القائلون بتحريم الاستقبال فيهما دون الاستدبار، بما يلي:

الدليل الأول: عن سلمان -رضي الله عنه- قال: ((قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ (٢)، قال: فَقَالَ: أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، … الحديث)) (٣).

وجه الاستدلال: أنه لما نص الحديث على الاستقبال عُلم إباحة الاستدبار (٤).

نُوقش: بأنه ليس في الحديث إلا النهي عن الاستقبال فقط، والاستدلال به على إباحة الاستدبار باطل؛ لأن النهي عن الاستدبار ورد في الأحاديث الصحيحة، وهو زيادة يتعين الأخذ بها (٥).

الدليل الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن في الحديث دليلاً على جواز استدبار القبلة؛ لفعله -صلى الله عليه وسلم-.

نُوقش: بأنه ليس في الحديث إلا الاستدبار في العمران فقط، فلا يصح


(١) يُنظر: نيل الأوطار (١/ ١٠٥ - ١١٠).
(٢) الخِرَاءَةُ: بالكسر والمد: التخلي والقعود للحاجة.، ويراد به: أدب التخلي والقعود عند الحاجة. يُنظر: معالم السنن (١/ ١١)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ١٧)، لسان العرب (١/ ٦٤).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة (١/ ٢٢٣) برقم: (٢٦٢).
(٤) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٣).
(٥) يُنظر: نيل الأوطار (١/ ١٠٤).
(٦) سبق تخريجه: ص (١١٠).

<<  <   >  >>