للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا)) (١).

وجه الاستدلال: أن في الحديث نهياً صريحاً عن استقبال القبلة واستدبارها، وهو عام فيتناول الفضاء والبنيان (٢)، والأصل في النهي المجرد عن القرينة: التحريم.

نُوقش: بأنه قد ورد ما يخصصه بالجواز في البنيان (٣)، وهو حديثي ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهما-، والخاص يُقدم على العام (٤).

الدليل الثاني: حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى)) (٥).

وجه الاستدلال: أن النهي في الحديث للتحريم، وقد فهم الصحابي راوي الحديث من النهي العموم بالنسبة للفضاء والبنيان؛ فكان ينحرف عن القبلة في المرحاض ويستغفر الله أيضاً (٦).

نُوقش: بأن هذا فهم الصحابي واجتهاده، ولم ينقله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صريحاً، وقد خالفه غيره من الصحابة، فلا يلزم (٧).

الدليل الثالث: أن النهي لمعنى حرمة جهة القبلة وتعظيمها؛ فهي من أشرف الجهات، وهذا المعنى موجود في البنيان كوجوده في الصحاري، فوجب أن يستوي المنع فيهما، ولأنه لو كان الحائل كافياً لجاز في الصحراء لوجود الحائل من الجبال وغيرها (٨).

أدلة القول الثالث:


(١) سبق تخريجه: ص (١٠٨).
(٢) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، عمدة القاري (٢/ ٢٧٧).
(٣) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، المغني (١/ ١٢٠).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ١٢٠).
(٥) سبق تخريجه: ص (١٠٩).
(٦) يُنظر: عيون الأدلة في مسائل الخلاف (١/ ٣٣٩)، الحاوي الكبير (١/ ١٥٤).
(٧) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، المجموع (٢/ ٨٢).
(٨) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٢)، بدائع الصنائع (٥/ ١٢٦)، كشاف القناع (١/ ٦٤).

<<  <   >  >>