للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمع، ولم يتعذر هنا (١).

الدليل السادس: حديث مروان الأصفر (٢) قال: ((رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى، إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ، فَلَا بَأْسَ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن هذا تفسير الصحابي لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام، وفيه جمع بين الأحاديث، فيتعين المصير إليه (٤).

نُوقش: أن هذا فهم من ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ لاختصاص النهي بالبنيان، وليس بحكاية لفظ النهي، فلا يكون هذا الفهم حجة، ولا يصلح هذا القول للاستدلال به، وهو مُعارَض بفهم أبي أيوب -رضي الله عنه- للعموم، والنهي تكريم لجهة القبلة، وذلك لا يختلف بفضاء ولا بنيان (٥).

الدليل السابع وهو جواب المناقشة السابقة: أن الصحاري لا تخلو غالباً من مصلٍّ فيها، فيتأذى بكشف عورته إليها إن استقبل القبلة أو استدبرها، وهذا المعنى معدوم في البنيان؛ لأن الإنسان فيها مستتر بالجدار (٦)، وأن تَجنُّب ذلك في البنيان فيه مشقة على الناس (٧).

أدلة القول الثاني:


(١) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٣).
(٢) هو: مروان الأصفر، أبو خلف البصري، قيل: اسم أبيه خَاقان وقيل: سالم، ثقة من الطبقة الرابعة، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. يُنظر: تقريب التهذيب (ص: ٥٢٦)، إكمال تهذيب الكمال (١١/ ١٣٨).
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (١/ ٩) برقم: (١١)، قال الحاكم في (المستدرك) (١/ ١٥٤): «هذا حديث صحيح على شرط البخاري؛ فقد احتج بالحسن بن ذكوان، ولم يخرجاه». وقال الزَّيْلَعِيُّ في (نصب الراية) (٢/ ١٠٨): «قال الحازمي: هو حديث حسن»، صححه النووي في (المنهاج) (٣/ ١٥٥).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ١٢٠)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٥٥).
(٥) يُنظر: نيل الأوطار (١/ ١١٠).
(٦) يُنظر: عيون الأدلة في مسائل الخلاف (١/ ٣٥٢)، الحاوي الكبير (١/ ١٥٤).
(٧) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، المجموع (٢/ ٨٣).

<<  <   >  >>