للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ)) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الاستنجاء بالروْث والعَظم، والنهي يقتضي التحريم، وبيّن في الحديث الآخر أن علة التحريم كونها طعام الجن وعلفاً لدوابهم، فلا يجوز إفساده عليهم، وللروْث علة أخرى وهي النجاسة، والنجاسة لا تُزال بمثلها (٢).

الدليل السادس: عن رُوَيْفِع بن ثابت (٣) -رضي الله عنه- قال: قال لي رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ (٤)، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَراً (٥)، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ -فَإِنَّ مُحَمَّداً مِنْهُ بَرِيءٌ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن الإعلام ببراءته -صلى الله عليه وسلم- ممن يفعل هذه الأمور، فيه وعيد شديد ومبالغة في الزجر والنهي عنها، وذلك يفيد التحريم.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بالكراهة بأدلة القائلين بالتحريم: كحديث سلمان وأبي هريرة وابن مسعود -رضي الله عنهم-. والاستدلال بها من وجهين:

الوجه الأول: أن القصد من الاستجمار الإنقاء، والروْث والعَظم يجففان


(١) سبق تخريجه: ص (١٢٧).
(٢) يُنظر: معالم السنن (١/ ٢٧)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٥٧)، نيل الأوطار (١/ ١٢٦).
(٣) هو: رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ بن السكن بن عدي بن حارثة الأنصاري المدني، صحابي سكن مصر، أمّره معاوية على طرابلس مدينة بالمغرب، فغزا منها إفريقية سنة ٤٧ هـ، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنه: بسر بن عبيد الله الحضرمي، وشِيَيْم ابن بَيْتَانَ، وحَنش الصنعاني، وأبو الخير مرفد وغيرهم، تُوفي ببرقة وهو أمير عليها سنة ٥٦ هـ. يُنظر: أسد الغابة (٢/ ٢٩٨)، تهذيب التهذيب (٣/ ٢٩٩).
(٤) عقد اللحية: قيل: هو ما كانوا يفعلونه في الحروب في الجاهلية يعقدون لحاهم، وذلك من زي الأعاجم، يفتلونها ويعقدونها، وقيل: معناه: معالجة الشعر؛ ليتعقد ويتجعد، وذلك من فِعل أهل التوضيع والتأنيث. معالم السنن (١/ ٢٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٢٧٠).
(٥) تقلد وتراً: قيل: هي العوذ التي يعلقونها عليه والتمائم التي يشدونها بتلك الأوتار، وقيل: الأجراس التي يعلقونها بها. معالم السنن (١/ ٢٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٤٩).
(٦) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستنجى به (١/ ٢٨) برقم: (٣٦)، والنسائي في السنن الصغرى، كتاب الزينة، عقد اللحية (/ ١٣٥) برقم: (٥٠٦٧)، وأحمد (٢٨/ ٢١٠) برقم: (١٧٠٠٠)، جوَّد إسناده النووي في (المجموع) (٢/ ١١٦) وابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ٣٥٢)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (٢/ ١٣١٠).

<<  <   >  >>