للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَمَّامَاتِ، ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوهَا فِي الْمَيَازِرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لِلنِّسَاءِ)) (١).

وجه الاستدلال: أنه لم يرُخص للنساء حمايةً للذرائع في دخولهن بغير ميازر، فيكون دخولهن مئتزرات مكروهاً غير محرم (٢).

نُوقش: أن النهي جاء جملة من غير تفصيل (٣)، وحمله على دخولهن غير مؤتزرات لا دليل عليه.

الدليل الثاني: حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ -عز وجل-) (٤).

وجه الاستدلال: أن المرأة إنما تكون قد هتكت سترها إذا وضعت ثيابها حيث لا تأمن أن يطلع أحد، وإن أمنت أن يطلع عليها أحد، فيُكره ولا يحرم (٥).

نُوقش: إنما النهي؛ لأن الحمامات مظنة التكشف والنظر في الجملة (٦).

الدليل الثالث: عن أم كلثوم قالت: ((أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ فَطَلَيْتُهَا بِالنَّوْرَةِ، ثُمَّ طَلَيْتُهَا بِالْحِنَّاءِ عَلَى إِثْرِهَا مَا بَيْنَ فَرْقِهَا إِلَى قَدَمِهَا فِي الْحَمَّامِ مِنْ حِصْنٍ كَانَ بِهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: أَلَمْ تَكُونِي تَنْهَيِ النِّسَاءَ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي سَقِيمَةٌ، وَأَنَا أَنْهَى الْآنَ أَلَّا تَدْخُلَ امْرَأَةٌ الْحَمَّامَ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ)) (٧).

وجه الاستدلال: أنه يُستدل بقول عائشة وفِعلها على أنها كرهت للنساء دخول الحمامات مستترات من غير تحريم، وكانت تنهى عن ذلك، ولم ترخص لهن فيه إلا من مرض، ولو كان عليهن حراماً لما جاز في المرض، فهو لهن مع المرض جائز، ومع الصحة مكروه إذا كُنْ مستترات مؤتزرات (٨).

الدليل الرابع: أن أَمْر النساء مبني على المبالغة في التستر، ولما في وضْع ثيابهن في


(١) سبق تخريجه: ص (١٣٨).
(٢) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٩)، المقدمات الممهدات (٣/ ٤٣٦).
(٣) يُنظر: التبصرة (١١/ ٥٠٣٩).
(٤) سبق تخريجه: ص (١٣٩).
(٥) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٩).
(٦) يُنظر: شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ٤٠٥).
(٧) سبق تخريجه: ص (١٣٧).
(٨) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٥٠)، مواهب الجليل (١/ ٨١).

<<  <   >  >>