للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضرورة؛ ولذلك مُنعت من أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها، ودخولُ الحمامات مظنةُ كشف العورات، فيحرم (١)، وخُص حال العذر بحديث عبد الله بن عمرو كما تقدم.

نُوقش من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن منع دخول النساء الحمام؛ لئلا يكون ذريعة إلى أن يدخلنه غير مؤتزرات، لا من أجل أن عليهن حرجاً وإثماً في دخولهن إياه مؤتزرات (٢).

وأُجيب عنه: أن النهي جاء جملة من غير تفصيل (٣)، وحمله على دخولهن غير مؤتزرات لا دليل عليه.

الوجه الثاني: أنها إنما تكون قد هتكت سترها إذا وضعت ثيابها؛ حيث لا تأمن أن يطلع أحد من الرجال عليها مكشوفة الرأس أو الجسم، وإن أمنت أن يطلع عليها أحد من الرجال فلا حرج (٤)، والمراد بالمنع: منعهن من الخروج، وحثهن على القرار في البيوت (٥).

وأُجيب عنه: إنما النهي؛ لأن الحمامات مظنة التكشف والنظر في الجملة (٦).

الوجه الثالث: إن هذا النهي إنما كان في الوقت الذي لم يكن للنساء حمام مفرد، فأما اليوم: فقد زال ذلك، فيجب أن يجوز (٧).

يمكن أن يُجاب عنه: بأنه لا يتصور أن الحمامات في العصر الأول كانت مختلطة؛ فالأحاديث الواردة في الحمامات لم تُشِر إلى ذلك؛ فلو كانت مختلطة لأُشير إليه، ومما يؤيد وجود حمامات مفردة للنساء: دخول عائشة -رضي الله عنها- الحمام حين احتاجت لها حال المرض، ويبعُد دخولها حماماً مختلطاً.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث عائشة -رضي الله عنها-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَنِ


(١) يُنظر: شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ٤٠٥)، نيل الأوطار (١/ ٣١٩).
(٢) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٩)، الذخيرة (١٣/ ٢٦٩).
(٣) يُنظر: التبصرة (١١/ ٥٠٣٩).
(٤) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٩).
(٥) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١٠/ ١٤٧).
(٦) يُنظر: شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ٤٠٥).
(٧) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٩)، الذخيرة (١٣/ ٢٦٩).

<<  <   >  >>