للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهي المجرد يقتضي التحريم (١)، ولا قرينة صارفة.

الدليل الثالث: الإجماع على أنه ليس على النساء حلق في التحلل من النُسُك (٢)، ولو كان الحلق يجوز لهن لأُمرن به في الحج؛ لأن الحلق نُسُك على التحقيق (٣).

الدليل الرابع: أن حلق الشعر مُثلة في حق المرأة كحلق اللحية في حق الرجال؛ لأن شَعْر رأسها من أحسن أنواع جمالها، وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها كما يدركه الحس السليم (٤).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث علي -رضي الله عنه- الذي استدل به أصحاب القول الأول.

وجه الاستدلال: أن النهي في الحديث يُحمل على الكراهة؛ لأنها لو حلقت -في التحلل- أجزأها ولم تأتِ حراماً (٥).

يمكن أن يُناقش: بأنه دعوى بلا دليل، واستدلال بمحل النزاع.

الدليل الثاني: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ((لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن حلق المرأة رأسها تشبه بالرجال، وقد نُهيت عن التشبه بهم، ويُحمل النهي على الكراهة لا التحريم، فلو حلقت أساءت وأجزأها (٧).

نُوقش: بأن اللعن من أقوى دلالات التحريم؛ فالتشبه بالرجال محرم (٨)، وحَلْقُ


(١) يُنظر: عمدة القاري (١٠/ ٦٤)، فيض القدير (٦/ ٣٤٧).
(٢) نقل الإجماع: ابن المنذر في (الإجماع) (ص: ٦٩)، وابن عبد البر في (التمهيد) (٧/ ٢٦٧)، والنووي في (المجموع) (٨/ ٢٠٤).
(٣) يُنظر: أضواء البيان (٥/ ١٨٨).
(٤) يُنظر: البناية (٤/ ٢٧٤)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٢/ ٣٣٥)، إعانة الطالبين (٢/ ٣٣٠).
(٥) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٩/ ١٧٠)، الحاوي الكبير (٤/ ١٦٤).
(٦) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال (٧/ ١٥٩) برقم: (٥٨٨٥).
(٧) يُنظر: الحاوي الكبير (٤/ ١٦٤)، المجموع (٨/ ٢٠٤).
(٨) اتفق الفقهاء على تحريم تشبه النساء بالرجال وعكسه، وعُد من الكبائر. يُنظر: عمدة القاري (٢٢/ ٤١)، الذخيرة (١٣/ ٢٦٤)، روضة الطالبين (٢/ ٢٦٣)، الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٢٥٦)، كشاف القناع (١/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>