للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: عن سعيد بن المسيب (١) قال: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا، فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَداً يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، ((إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَمَّاهُ: الزُّورَ -يَعْنِي: الوَاصِلَةَ فِي الشَّعَرِ-)) (٢)، وفي رواية لمسلم: قَالَ: وَجَاءَ رَجُلٌ بِعَصاً عَلَى رَأْسِهَا خِرْقَةٌ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: ((أَلَا وَهَذَا الزُّورُ؟! قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: مَا يُكَثِّرُ بِهِ النِّسَاءُ أَشْعَارَهُنَّ مِنَ الْخِرَقِ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن في الحديث تسمية الوصل بالزور؛ لما فيه من الكذب والخداع، والزور منهي عنه، فأفاد تحريم الوصل وتكثير الشعر (٤).

الدليل السادس: أن الوصل بالصوف والْخِرَقِ ونحوها في معنى الوصل بالشعر؛ لعموم النهي (٥).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن جابر -رضي الله عنه- قال: ((زَجَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئاً)) (٦).

الدليل الثاني: استدلوا بحديث معاوية -رضي الله عنهم-.

وجه الاستدلال: أن في حديث جابر نهياً عن وَصْل الشعر، وهو محمول على الكراهة، وحديث معاوية يدل على تخصيص التي تصله بالشعر، فيمكن جعل ذلك


(١) هو: سعيد بن الْمُسَيِّب بن حزن أبي وَهْب بن عمرو بن عَائِذ بن عمران ابن مَخْزُوْم، أبو محمد القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه، وُلد لسنتين مضتا من خلافة عمر -رضي الله عنه-، روى عن أبي بكر مرسلاً وعن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وحكيم بن حزام وابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وأبيه المسيب ومعمر بن عبد الله وأبي ذر وأبي الدرداء وغيرهم، وكان زوج بنت أبي هريرة وأعلم الناس بحديثه، وروى عنه: الزهري، وقتادة، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وبكير بن الأشج، وبشرٌ كثيرٌ، تُوفي سنة ٩٤ هـ. يُنظر: سير أعلام النبلاء (٥/ ١٢٤)، تهذيب التهذيب (٤/ ٨٤).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر (٧/ ١٦٥) برقم: (٥٩٣٨)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فِعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة (٣/ ١٦٧٩) برقم: (٢١٢٧).
(٣) كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة (٣/ ١٦٨٠) برقم: (٢١٢٧).
(٤) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٣٧٥).
(٥) يُنظر: المفهم (٥/ ٤٤٣)
(٦) سبق تخريجه ص: (١٦٩).

<<  <   >  >>