للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيراً للفظ العام، وبقيت الكراهة لعموم اللفظ في سائر الأحاديث (١).

نُوقش: أن حديث اللعن حجة على مَنْ حمل النهي فيه على التنزيه؛ لأن دلالة اللعن على التحريم من أقوى الدلالات، بل عند بعضهم أنه من علامات الكبيرة (٢). ولدلالة العموم في سائر الأحاديث (٣).

ويمكن أن يُناقش أيضاً: بأن الرواية الأخرى لحديث معاوية ذَكر فيها الْخِرَقَ، فانَتْفى التخصيص بالشَّعر.

الدليل الثالث: أن وصله بالشَّعر فيه تدليس، بخلاف غيره، فتُحمل أحاديث النهي على الكراهة في غير الشَّعر (٤).

يمكن أن يُناقش: أن الوصل بغير الشعر إن كان مما يشبه الشعر تحققت فيه علة التدليس والتزوير، فيحرم كالشَّعر؛ بدليل حديث معاوية: سمى الوصل بالْخِرَقِ أيضاً: زوراً.

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول: قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (٥).

وجه الاستدلال: أن الآية دليل على أن الزينة حلال، وتكثير الشعر بالصوف وغيره انَتْفاع بطريق التزين بما يحتمل ذلك (٦)، فهو من الزينة المباحة.

الدليل الثاني: حديث أبي هريرة: ((لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ)) (٧).

وجه الاستدلال: أن اللعن في الحديث للانَتْفاع بما لا يحل الانَتْفاع به، وهو شعر بني آدم؛ لأن الآدمي بجميع أجزائه مُكرَّم، والانَتْفاع بالجزء المنفصل منه إهانة له، وليس


(١) يُنظر: المغني (١/ ٧٠).
(٢) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٣٧٧).
(٣) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٩/ ١٧٣).
(٤) يُنظر: الشرح الكبير (١/ ٢٦٣).
(٥) سورة الأعراف: جزء من الآية (٣٢).
(٦) يُنظر: فتح القدير، لابن الهمام (٦/ ٤٢٦).
(٧) سبق تخريجه: ص (١٧١).

<<  <   >  >>