للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (١).

وجه الاستدلال: أن في الآية خبراً بمعنى النهي، أي: لا يمس القرآن، فهو نهي من الله -عز وجل- ألا يمس القرآن الكريم إلا المطهرون إجلالاً له وتعظيماً، والنهي على الحظر والتحريم، وجاءت بصيغة الحصر، فاقتضى ذلك حصر الجواز في المطهرين، وعموم سلبه في غيرهم (٢).

الدليل الثاني: حديث عمرو بن حزم -رضي الله عنه-: ((أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)).

الدليل الثالث: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن في الحديثين نهياً صريحاً عن مس المصحف إلا لمن كان طاهراً، والأصل في النهي المجرد عن القرينة التحريم (٤)، والأحاديث تؤكد التمسك بالآية؛ لأنها على صيغتها (٥).

ثانياً: محل النزاع:

اختلف الفقهاء في حكم مس الصغير (٦) للمصحف من غير طهارة، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجوز.

وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٧)، والمالكية (٨)، والشافعية (٩)، ورواية عن الإمام


(١) سورة الواقعة: الآية (٧٩).
(٢) يُنظر: المعونة (ص: ١٦١)، الذخيرة (١/ ٢٣٨)، كشاف القناع (١/ ١٣٤).
(٣) أخرجه الدارقطني، كتاب الطهارة، باب فِي نهي المحدث عن مس القرآن (١/ ٢١٩) برقم: (٤٣٧)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب نهي المحدث عن مس المصحف (١/ ٢٦٣) برقم: (٤١٣)، وثَّق رجاله الهيثمي في (مجمع الزوائد) (١/ ٢٧٦)، وقال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (١/ ٣٦١): «إسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به».
(٤) يُنظر: نيل الأوطار (١/ ٢٥٩).
(٥) يُنظر: الذخيرة (١/ ٢٣٩).
(٦) المراد: الصغير المميز، أما الصغير غير المميز: فإنه يحرم تمكينه من مس المصحف؛ لئلا ينتهكه. يُنظر: المجموع (٢/ ٦٩)، مغني المحتاج (١/ ١٥٢).
(٧) يُنظر: تبيين الحقائق (١/ ٥٨)، حاشية ابن عابدين (١/ ١٧٤).
(٨) يُنظر: بداية المجتهد (١/ ٤٧)، مواهب الجليل (١/ ٣٠٤).
(٩) يُنظر: التعليقة للقاضي حسين (١/ ٣٠٠)، المجموع (٢/ ٦٥)، مغني المحتاج (١/ ١٥١).

<<  <   >  >>