للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: استدلوا بالأحاديث المتقدمة التي استدل بها القائلون بالتحريم.

وجه الاستدلال: أن النهي في الأحاديث محمول على الكراهة دون التحريم؛ لأن النهي عنها وارد؛ لأجل ما تأكله من النجاسة التي تنزل في مجاري الطعام ولا تخالط اللحم، وإنما يتغير اللحم بها، وذلك يقتضي الكراهة لا التحريم (١).

الدليل الثاني: أن ما تأكله البهيمة من العلف الطاهر إذا صار في كَرِشِها تنجَّس، فلا تتغذى إلا بالنجاسة، ومع ذلك فلا يُحكم على اللحم واللبن بالنجاسة، فكذلك هذا (٢).

نُوقش: بأن العلف الطاهر إذا تنجَّس بالمجاورة جاز إطعامه للدابة؛ لأنها إذا أكلته لا تتغذى بالنجاسة، وإنما تتغذى بالعلف، بخلاف الجَلَّالة (٣).

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول: أن الحيوان أصله الإباحة (٤).

يمكن أن يُناقش: بأن ما ورد من النصوص في النهي عن الجَلَّالة أخرجته من عموم هذا الأصل؛ فالحجة للنص.

الدليل الثاني: أن الحيوان لا ينجس بأكل النجاسة؛ بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات لا يُحكم بنجاسة ظاهره، ولو نجس لما طهر بالإسلام ولا الاغتسال، ولو نجست الجَلَّالة لما طهرت بالحبس (٥).

نُوقش: بأن شارب الخمر ليس الخمر أكثر غذائه، وإنما يتغذى الطاهرات، وكذلك الكافر في الغالب (٦)، فلا يُحكم بنجاستهما لأجل ذلك، وهذا قياس مع الفارق، وفي مقابلة


(١) يُنظر: الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٧)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٥٠٩)، المجموع (٩/ ٣٠)،
(٢) يُنظر: الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٧)، المجموع (٩/ ٣٠)، فتح الباري، لابن حجر (٩/ ٦٤٨).
(٣) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٩/ ٦٤٨).
(٤) يُنظر: التبصرة (١/ ٥٥)، المبدع (٨/ ١٢)، وتُنظر قاعدة: (الأصل في الحيوانات الإباحة) في القواعد، للحصني (١/ ٤٧٩).
(٥) يُنظر: المغني (٩/ ٤١٤)، المبدع (٨/ ١٢).
(٦) يُنظر: المغني (٩/ ٤١٤)، الشرح الكبير (٢٧/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>