للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النص.

الدليل الثالث: إنما حرَّم الله أعيان النجاسات المدرَكات بالحواس، فالجَلَّالة لا يوجد فيها أعيان العذرَات، بل تُستهلك ولا يبقى لها أثر، كالنبات الذى ينبت في العَذِرَة، وهو طاهر حلال (١).

نُوقش: بأن هذا قياس مع الفارق: فإن الجَلَّالة يظهر عليها أثر النجاسة، فيتغير لحمها وينتن، فالعبرة للنَّتَن لا لتناول النجاسة (٢)، والنبات الذي يُسقى بالنجاسة مختلف فيه.

سبب الخلاف:

لعل الخلاف في الجَلَّالة يرجع إلى سببين:

الأول: معارضة القياس لأحاديث النهي: فأحاديث النهي ما ورد من حديث ابن عباس وجابر -رضي الله عنهم-، وأما القياس المعارض لهذا: فهو أن ما يرِد جوف الحيوان ينقلب إلى لحم ذلك الحيوان وسائر أجزائه (٣).

الثاني: الاختلاف في صحة أحاديث النهي.

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بتحريم الجَلَّالة.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: « … ومنها: أن المطعم إذا خبث وفسد، حرم ما نبت منه من لحم ولبن وبيض: كالجَلَّالة» (٤).

أسباب الترجيح:

١ - قوة دلالة ظاهر الأحاديث على التحريم.

٢ - عدم المعارض الصارف للنهي عن مقتضاه.

٣ - ضعف ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى، وورود المناقشة عليها.


(١) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٥/ ٤٣١).
(٢) يُنظر: بدائع الصنائع (٥/ ٤٠).
(٣) يُنظر: بداية المجتهد (٣/ ١٨)
(٤) الفتاوى الكبرى (١/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>