للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: يُكره.

وهو قول عند المالكية (١)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٢).

القول الثالث: يجوز.

وهو مذهب الحنفية (٣)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٤).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥).

وجه الاستدلال: أن الآية جاءت ببيان أن الخمر نجسة؛ لأن الله سماها رجساً، والرِّجس هو القذر، والنَّجَسُ: الذي يجب اجتنابه، وقد أمر باجتنابها مطلقاً، والأمر للوجوب، وهو يعم الشرب والمس وغير ذلك، فيحرم إفسادها والقصد إلى تخليلها؛ لما فيه من منافاة الأمر بالاجتناب ومقاربة المحظور (٦).

الدليل الثاني: عن أنس -رضي الله عنه-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلّاً؟ فَقَالَ: لَا)).

وجه الاستدلال: أن في الحديث نهياً عن تخليل الخمر، والنهي يقتضي تحريم المنهيِّ عنه وفساده (٧).

نُوقش: بأن المراد بالاتخاذ أن يُستعمل الخمر استعمال الخل: بأن يؤتدم به، ويُصطبغ به (٨).

يمكن أن يُجاب عنه: بأن هذا التأويل بعيد، ولا يُصار إليه إلا بدليل، ولا دليل، وهل يُظن أن الصحابة -رضي الله عنهم- سألوا عن استعمال الخمر والائتدام به بعد تحريمه؟! ذلك


(١) يُنظر: المقدمات الممهدات (١/ ٤٤٤)، مواهب الجليل (١/ ٩٨).
(٢) يُنظر: المبدع (١/ ٢١٠)، الإنصاف (٢/ ٣٠١).
(٣) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٢٤/ ٢٢)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٠١).
(٤) يُنظر: الإنصاف (٢/ ٣٠١).
(٥) سورة المائدة: الآية (٩٠).
(٦) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٢٤/ ٢٢)، شرح العمدة (ص: ١١٠)، الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (١/ ٢٥٣ - ٣٠٩).
(٧) يُنظر: الحاوي الكبير (٦/ ١١٣)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٣/ ١٥٢).
(٨) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٢٤/ ٢٤)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٨).

<<  <   >  >>