للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن لفظ الأذان إنما هو مختص بالصلاة.

والثاني: أنه لو كان نداء للسحور لم يُشكل عليهم، ولا احتاجوا إلى تعريف النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.

الدليل الثاني: عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ -أَوْ: يُنَادِي بِلَيْلٍ- لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ)) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشار في الحديث إلى علة اختصاص الفجر بذلك، وهو قيام النائم؛ ليقضي حاجته، فيأتي الصلاة في أول الوقت، ورجوع القائم؛ ليأتي بالعبادة على وجه النشاط (٢)، وهو نصٌّ في موضع الخلاف (٣).

الدليل الثالث: حديث زياد بن الحارث الصُّدائي -رضي الله عنه- (٤)، قال: ((لما كان أوّلُ أذان الصُّبحِ أمرني -يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- فأذَّنتُ، فجعلتُ أقول: أُقيمُ يا رسولَ الله؟ فجعل ينظرُ إلى ناحية المَشرِقِ إلى الفجر، فيقول: لا، حتَّى إذا طلعَ الفجرُ نزلَ، فبرزَ، ثمَّ انصرفَ إليَّ وقد تلاحَقَ أصحابُه -يعني: فتوضَّأ- فأراد بلال أن يقيمَ، فقال له نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ أخا صُداءٍ هو أَذَّنَ، ومَن أذَّنَ فهو يقيمُ، قال: فأقمتُ)) (٥).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر زياداً بالأذان قبل طلوع الفجر، فدل على


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر (١/ ١٢٧) برقم: (٦٢١)، ومسلم، كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (٢/ ٧٦٨) برقم: (١٠٩٣).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ٢٩٨)، شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الصلاة (ص: ١١٤)، شرح الزركشي (١/ ٥٠٩).
(٣) يُنظر: الحاوي الكبير (٢/ ٢٧).
(٤) هو: زياد بن الحارث الصُّدائي، وصُداء حي من اليمن، وهو حليف لبني الحارث بن كعب، بايع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأذّن بين يديه، يعدّ في المصريين وأهل المغرب، روى عنه زياد بن نعيم الحضرمي. يُنظر: الاستيعاب (٢/ ٥٣٠)، أسد الغابة (٢/ ٣٣٢)، تهذيب التهذيب (٣/ ٣٥٩).
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالأذان (١/ ٣٨٦) برقم: (٥١٤)، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم (١/ ٣٨٣) برقم: (١٩٩) وقال: «وفي الباب عن ابن عمر، وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي، والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث … ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث»، وابن ماجه، أبواب الأذان والسنة فيها، باب السنة في الأذان (١/ ٤٦١) برقم: (٧١٧)، وأحمد (٢٩/ ٨٠) برقم: (١٧٥٣٨)، قال ابن الملقن في (البدر المنير) (٣/ ٤٠٨): «قد أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب (الأذان) من حديث ابن عمر مرفوعاً، وليس فيه الإفريقي. والإفريقي قد وثَّقه جماعة».

<<  <   >  >>