للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ذلك من بلال خطأً على ظَنِّ طلوع الفجر؛ لأنه كان في بصره ضعف (١)، فلم يَعْتد النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الأذان للصلاة، ولو اعتد به للصلاة لم يأمر بإعادته (٢).

نُوقش: بأن الحديث ضعيف، وأن الصحيح فيه هو عن مؤذنٍ لعمر -رضي الله عنه- (٣).

أُجيب عنه: بأن له طرقاً أخرى يقوِّي بعضها بعضاً قوة ظاهرة (٤).

الدليل الثالث: قياس الأذان للفجر بالأذان لسائر الصلوات؛ لأنه شُرع للإعلام بالوقت، وفي الأذان قبل الوقت تضليل يؤدي إلى الضرر بالناس؛ لأن ذلك وقت نومهم، خصوصاً في حق مَنْ تهجَّد في النصف الأول من الليل، فربما يلتبس الأمر عليهم، وذلك مكروه (٥).

يمكن أن يُناقش: بأنه قياس في مقابل النص؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر به كما في حديث الصُّدائي، وأقر بلالاً عليه كما في حديث ابن عمر.

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((أَنَّ بِلَالاً أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ، أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَعْتد بأذان بلال قبل الفجر، فدل على كراهته؛ لأن الأذان قبل الفجر يفوِّت المقصود من الإعلام بالوقت، ولئلا يَغُرَّ الناس، فيتركوا سحورهم (٧).

نُوقش: أن الحديث ضعيف، وأنه خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر (٨).

أُجيب عنه في جواب مناقشة الدليل الثاني للقول الثاني.


(١) يُنظر: البناية (٢/ ١١٣).
(٢) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (١/ ٥٥٩).
(٣) يُنظر: المغني (١/ ٢٩٨).
(٤) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٢/ ١٠٣).
(٥) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ١٣٥)، بدائع الصنائع (١/ ١٥٥)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٤٤).
(٦) سبق تخريجه: ص (٢٤١).
(٧) يُنظر: شرح الزركشي (١/ ٥١٠)، المبدع (١/ ٢٨٧).
(٨) يُنظر: شرح الزركشي (١/ ٥١٠).

<<  <   >  >>