للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على أنه لا يُكره إن أذَّن بعده في الوقت:

حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ)) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكتفِ بأذان بلال قبل الفجر؛ لقوله: (حتى ينادي ابن أم مكتوم) بعد دخول الوقت، فيكون أذانه دعاءً إلى الصلاة، وإعلاماً بأن الصلاة قد حضر وقتها؛ ليشهدها الناس (٢).

سبب الخلاف:

«السبب في اختلافهم أنه ورد في ذلك حديثان متعارضان: أحدهما: الحديث المشهور الثابت، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن بلالاً ينادي بليل … )، والثاني: ما رُوي عن ابن عمر: (أن بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ألا إن العبد قد نام)، والأول أثبت.

والثاني أيضاً خرجه أبو داود، وصححه كثير من أهل العلم، فذهب الناس في هذين الحديثين: إما مذهب الجمع، وإما مذهب الترجيح.

فأما مَنْ ذهب مذهب الترجيح: فإنهم قالوا: حديثُ بلال أَثْبتُ، والمصيرُ إليه أوجبُ.

وأما مَنْ ذهب مذهب الجمع: فقالوا: يُحتمل أن يكون نداء بلال في وقت يُشك فيه في طلوع الفجر؛ لأنه كان في بصره ضعف، ويكون نداء ابن أم مكتوم في وقت يُتيقن فيه طلوع الفجر، ويدل على ذلك ما رُوي: قَالَ: (وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا).

وأما مَنْ قال أنه يُجمع بينهما -أعني: أن يؤذِّن قبل الفجر وبعده- فعلى ظاهر ما رُوي من ذلك في صلاة الصبح خاصة، أعني: أنه كان يؤذِّن لها في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤذنان: بلال، وابن أم مكتوم» (٣).

الترجيح:


(١) سبق تخريجه: ص (٢٣٩).
(٢) يُنظر: الأوسط (٣/ ٢٩).
(٣) بداية المجتهد (١/ ١١٥) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>