للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: يُكره ابتداء نافلة بعد الإقامة، إلا ركعتي الفجر إذا لم يخشَ فوات الجماعة.

وهو مذهب الحنفية (١).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ)).

وجه الاستدلال: أن قوله: (فلا صلاة) نفيٌ بمعنى النهي يفيد العموم، فإن أُقيمت الصلاة فلا يجوز أن يشرع في صلاة، وإن كان فيها يقطعها إن خشي الفوات؛ لأن ما يفوته مع الإمام أفضل مما يأتي به، فلم يشتغل به (٢).

نُوقش: بأن الحديث موقوف على أبي هريرة (٣).

أُجيب عنه: بأن الحديث مسند مرفوع ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- (٤)، ويكفيه أنه في (صحيح مسلم).

الدليل الثاني: عن مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ (٥) -رضي الله عنه-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً -وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ- يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَاثَ (٦) بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ


(١) يُنظر: المبسوط (١/ ١٦٧)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٧٧)، وهذا القول بني على مذهبهم في ركعتي الفجر أنها لا تُقضى بعد الفوات، فيحرزهما إذا طمع في إدراك ركعة من الصلاة، فيصليها في آخر المسجد، ثم يتقدم ويدخل في الصف.
(٢) يُنظر: المغني (١/ ٣٢٩)، المبدع (٢/ ٥٥)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٢/ ٢٠).
(٣) يُنظر: شرح معاني الآثار (١/ ٣٧٢).
(٤) يُنظر: الاستذكار (٢/ ١٣٢).
(٥) هو: مالك بن الْقِشْبِ الأزدي، من الأزد، والد عبد الله بن مالك ابن بُحَيْنَة، أمه بحينة قرشية مطلبية، من بنى المطلب بن عبد مناف، لكن منهم مَنْ يقول: إن بحينة أم ابنه عبد الله بن مالك ابن بحينة، ولعبد الله بن مالك ولأبيه جميعاً صحبة، وتُوفي ابن بحينة في آخر خلافة معاوية. يُنظر: الاستيعاب (٣/ ١٣٤٨)، أسد الغابة (٥/ ١١).
(٦) لَاثَ به الناس: الالتِياث: الاختلاط والالتفاف، لاث به أي: اجتمعوا حوله، وأحاطوا به. يُنظر: أعلام الحديث (١/ ٤٧٣)، الصحاح (١/ ٢٩١)، لسان العرب (٢/ ١٨٨).

<<  <   >  >>