للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: الصُّبْحَ أَرْبَعاً، الصُّبْحَ أَرْبَعاً)) (١).

وجه الاستدلال: أن إنكار النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرجل أن يصلي ركعتين بعد أن أُقيمت الصلاة، فيكون كمَن صلى الصبح أربعاً -يدل على عموم النهي: أن لا صلاة بعد الإقامة إلا الصلاة المكتوبة (٢).

الدليل الثالث: عن عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِس -رضي الله عنه- قال: ((دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: يَا فُلَانُ، بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ؟ أَبِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ؟ أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا؟)) (٣).

وجه الاستدلال: أن في إنكار الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الرجل دلالةً على أنه لا يجوز أن يصلي نافلة -ولو كانت ركعتي الفجر- بعد أن أُقيمت الصلاة وإن كان الوقت يتسع للفراغ منهما قبل خروج الإمام من صلاته؛ لأن قوله: (أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا؟) يدل على أنه قد أدرك الصلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد فراغه من الركعتين (٤).

نُوقش حديث ابن بُحينة وحديث ابن سَرجس -رضي الله عنهما-: بأنه يُحتمل أن يكون أراد النهي عن أن يصلي غيرها في موطنها الذي يصلي فيه، فيكون مصليها قد وصلها بتطوع، فيكون النهي من أجل ذلك؛ فقد نُهي عن وصل الفريضة بالتطوع في مكان واحد دون أن يفصل بينهما بشيء (٥).

أُجيب عنه: بأن هذا القول ليس بشيء؛ لأن النهي إنما ورد أن تُصليا معاً، وأن يصلي -إذا أُقيمت المكتوبة- غيرَها مما ليس بمكتوبة ويشتغل عنها بما سواها (٦).

الدليل الرابع: أن ابتداء صلاة غير التي أُقيمت يؤدي إلى الطعن في الإمام


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (١/ ١٣٣) برقم: (٦٦٣)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع فِي نافلة بعد شروع المؤذن (١/ ٤٩٣) برقم: (٧١١).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ٣٣٠)، عمدة القاري (٥/ ١٨٢).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع فِي نافلة بعد شروع المؤذن (٢/ ١٥٤) برقم: (٧١٢).
(٤) يُنظر: معالم السنن (١/ ٢٧٤)، المغني (١/ ٣٣٠).
(٥) يُنظر: شرح معاني الآثار (١/ ٣٧٢).
(٦) يُنظر: الاستذكار (٢/ ١٣١).

<<  <   >  >>