للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا (١) عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ (٢) لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَة وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً)) (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى العشاء بالعَتَمَة، فدل ذلك على جواز التسمية (٤).

نُوقش من وجهين (٥):

أحدهما: أن هذا الاستعمال ورد في نادر من الأحوال لبيان الجواز، وأن النهي للتنزيه لا التحريم.

الثاني: أن المخاطبين كان فيهم مَنْ قد يشتبه عليه العشاء بالمغرب، فاحتمل إطلاق العَتَمَة هنا للمصلحة دفعاً للالتباس.

الدليل الثاني: حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: ((ارتقبْنا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَلَاةِ العَتَمَة … )) (٦).

الدليل الثالث: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً بِالعِشَاءِ … وكَانُوا يُصَلُّونَ العَتَمَة فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ)) (٧).


(١) اسْتَهَموا: أي اقترعوا. يُنظر: الصحاح (٥/ ١٩٥٧).
(٢) التَّهْجَير: السير في الهاجرةِ، والهاجِرَةُ: نصف النهار عند اشتداد الحرّ. ويراد بالتهجير: التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه. يُنظر: الصحاح (٢/ ٨٥١)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٢٤٦).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان (١/ ١٢٦) برقم: (٦١٥)، ومسلم كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الْأول فالأول (١/ ٣٢٥) برقم: (٤٣٧).
(٤) يُنظر: فتح الباري، لابن رجب (٦/ ٢٧)، نيل الأوطار (٢/ ٢١).
(٥) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٣٢٤)، إكمال المعلم (٢/ ٦٠٧)، المجموع (٣/ ٤٢)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٦/ ٢٢٥)، عمدة القاري (٥/ ١٢٦).
(٦) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب وقت العشاء الآخرة (١/ ١٦١) برقم: (٤٢١)، وأحمد (٣٦/ ٣٨٥) برقم: (٢٢٠٦٦).
(٧) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل العشاء (١/ ١٧٢) برقم: (٨٦٤)، ومسلم، كتاب المساجد، باب وقت العشاء وتأخيرها (١/ ٤٤١) برقم: (٦٣٨).

<<  <   >  >>