للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «ولأن ما حول السوءتين من حريمهما وستره تمام سترهما والمجاورة لها تأثير في مثل ذلك، فوجب أن يُعطى حكمهما» (١).

ثانياً: اختلف الفقهاء في النهي عن الصلاة في ثوب واحد وليس على عاتقه شيء، على قولين:

القول الأول: أن النهي للكراهة، ويُستحب أن يجعل على عاتقه شيئاً.

وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٥).

القول الثاني: أن النهي للتحريم، فيجب على المصلي أن يجعل على عاتقيه أو أحدهما شيئاً إن قدر عليه.

وهو المذهب عند الحنابلة (٦).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ)) (٧).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى الرجل عن الصلاة في الثوب الواحد وعاتقه مكشوف، والنهي للكراهة والتنزيه: فلو صلى في ثوب واحد ساتر لعورته ليس على عاتقه منه شيء صحت صلاته مع الكراهة، سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا.

وعلة الكراهة خشية أن يسقط فتنكشف عورته إذا لم يتوشَّح به، وإن تكلَّف ضبْطه بيديه شغلهما عن سنتهما، واشتغل به عن صلاته (٨).


(١) شرح العمدة - كتاب الصلاة (ص: ٢٦٢).
(٢) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٣٤)، بدائع الصنائع (١/ ٢١٩).
(٣) يُنظر: الذخيرة (٢/ ١١١)، الفواكه الدواني (١/ ١٢٩).
(٤) يُنظر: البيان (٢/ ١٢٤)، المجموع (٣/ ١٧٥).
(٥) يُنظر: المبدع (١/ ٣٢٢).
(٦) يُنظر: المغني (١/ ٤١٥)، الشرح الكبير (٣/ ٢١٧)، شرح الزركشي (١/ ٦١٣).
(٧) سبق تخريجه ص: (٣٠٦).
(٨) يُنظر: المفهم (٢/ ١١٢)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٢٣١).

<<  <   >  >>