للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ)) (١).

وجه الاستدلال: أن ظاهر النهي عن الصلاة مع كشف العاتقين، يقتضي التحريم وفساد المنهي عنه، وقوله: (ليس على عاتقه شيء) يقع على ما يعم المنكبين وما لا يعم، وهذا دليل على أنه لا يقتضي سترهما؛ فلا يجب سترهما جميعاً، بل يجزئه وَضْع ثوب على أحد عاتقيه (٢).

نُوقش: بأن ظاهر النهي يقتضي التحريم، لكن الإجماع على جواز تركه؛ إذ المقصود ستر العورة، فبأي وجه حصل جاز (٣).

أُجيب عنه: بأن دعوى الإجماع فيها نظر؛ لثبوت الخلاف عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٤).

الدليل الثاني: عن بريدة -رضي الله عنه- (٥) قال: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُصَلِّيَ فِي لِحَافٍ (٦) لَا يَتَوَشَّحُ (٧) بِهِ، وَالْآخَرُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ)) (٨).


(١) سبق تخريجه ص: (٣٠٦).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ٤١٥)، الشرح الكبير (٣/ ٢١٧).
(٣) يُنظر: الكواكب الدراري (٤/ ١٨).
(٤) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٤٧٢).
(٥) هو: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي، يكنى أبا عَبْد الله، أسلم حين مر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مهاجرا بالغميم، وأقام في موضعه حتى مضت بدر وأحد، ثم قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أحد، فشهد معه مشاهده، وشهد الحديبية، وسكن البصرة، توفي سنة ٦٣ هـ. يُنظر: الاستيعاب (١/ ١٨٥)، الإصابة (١/ ٤١٨).
(٦) اللِّحَاف: اللباس الذي فوق سائر اللباس من دِثار البرد ونحوه، وكل شيء تغطيت به فقد التحفت به، واللحاف: اسم ما يُلتحف به. يُنظر: غريب الحديث، للقاسم بن سلام (١/ ٣١١)، الصحاح (٤/ ١٤٢٦)، لسان العرب (٩/ ٣١٤).
(٧) يتوشح به: أي: يتغشى به، والأصل فيه: من الوشاح، وهو شيء ينسج عريضاً من أديم، والتوشيح أن يأخذ الطرف الأيسر من تحت يده اليسرى، فيلقيه على منكبه الأيمن، ويلقي الطرف الأيمن من تحت اليمنى على منكبه الأيسر. يُنظر: الصحاح (١/ ٤١٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٨٧)، البحر الرائق (٢/ ٢٧)، فيض القدير (٦/ ٣٤٢).
(٨) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به (١/ ٤٧٤) برقم: (٦٣٦)، والحاكم (١/ ٣٧٩) برقم: (٩١٤) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، واحتجا بأبي تميلة، وأما أبو المنيب المروزي: فإنه عبيد الله بن عبد الله العتكي من ثقات المراوِزَة، وممن يُجمع حديثه في الخراسانيين»، ونقل الحافظ ابن حجر في (إتحاف المهرة) (٢/ ٥٦٥) كلام الحاكم، ثم ذكر أن الحديث ورد بأتم منه في الأدب: من طريق القاسم بن القاسم السياري.

<<  <   >  >>