للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أجمع العلماء (١) على جواز الإسبال للمرأة، وحدَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- بألا يزيد عن الذراع.

فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْراً، فَقَالَتْ: إِذاً تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعاً لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ)) (٢).

قال النووي -رحمه الله-: «أجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعاً، والله أعلم» (٣).

ثانياً: الإسبال: إما أن يكون للخيلاء، أو يكون لغير الخيلاء.

فأما الإسبال للخيلاء: فقد اتفق الفقهاء (٤) على تحريمه مطلقاً، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب (٥)، وذلك للأدلة الكثيرة التي ورد فيها الوعيد الشديد لمَن أسبل لباسه خيلاء، منها:

١ - أحاديث ابن عمر -رضي الله عنه- المتقدمة.

٢ - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَكُنْ مِنَ اللهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ (٦) (٧).


(١) نقل الإجماع: القاضي عياض في (إكمال المعلم) (٦/ ٥٩٨)، والنووي في (المنهاج) (١٤/ ٦٢)، والطيبي في (شرح المشكاة) (٩/ ٢٨٩٣).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب اللباس، باب في قدر الذيل (٦/ ٢٠٧) برقم: (٤١١٧)، والترمذي، أبواب اللباس، باب ما جاء في جر ذيول النساء (٤/ ٢٢٣) برقم: (١٧٣١) واللفظ له، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وابن ماجه، أبواب اللباس، باب ذيل المرأة كم يكون؟ (٤/ ٥٨٨) برقم: (٣٥٨٠)، وأحمد (٨/ ٧٢) برقم: (٤٤٨٩)، صحح إسناده المناوي في (فيض القدير) (٦/ ١١٣).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٦٢)، وحكى مثله الطيبي في (شرح المشكاة) (٩/ ٢٨٩٣).
(٤) يُنظر: الفتاوى الهندية (٥/ ٣٣٣)، الفواكه الدواني (٢/ ٣١٠)، حاشية العدوي (٢/ ٤٥٢)، المجموع (٤/ ٤٥٤)، أسنى المطالب (١/ ٢٧٨)، المغني (١/ ٤١٨)، الفروع (٢/ ٥٩).
(٥) يُنظر: الفروع (٢/ ٥٩)، فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٢٦٣)، الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٢٥٩).
(٦) في حل ولا حرام: قال السندي: «أي: في أن يجعله في حل من الذنوب وهو أن يغفر له، ولا في أن يمنعه ويحفظه من سوء الأعمال، أو في أن يحل له الجنة وفي أن يحرم عليه النار، أو ليس هو في فعل حلال ولا له احترام عند الله تعالى، والله تعالى أعلم». فتح الودود في شرح سنن أبي داود (١/ ٤٠٤).
(٧) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإسبال في الصلاة (١/ ٤٧٤) برقم: (٦٣٧) قال أبو داود: «روى هذا جماعةٌ عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود، منهم حمَّاد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية»، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الزينة، باب التغليظ في جر الإزار (٨/ ٤٢٨) برقم: (٩٦٠٠)، واللفظ له، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٥/ ١٢٤): «رواه الطبراني ورجاله ثقات»، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (٢/ ١٠٤٠).

<<  <   >  >>