للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ)) (١).

الدليل الثاني: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، فَمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ (٢)، لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَراً)) (٣).

الدليل الثالث: حديث أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ (٤)، وَلَا يُزَكِّيهِمْ (٥)، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ (٦)، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ)) (٧).

وجه الاستدلال من الأحاديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن في الحديثين -الأول والثاني- أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين مُتوعَّد بالنار، ولم يقيده بالخيلاء، فدل ظاهر الأحاديث على أن هذا الاسبال محرم مطلقاً، سواء كان للخيلاء أم لغير الخيلاء؛


(١) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار (٧/ ١٤١) برقم: (٥٧٨٧).
(٢) قال الخَطَّابي: «قوله: «فهو في النار» يُتأول على وجهين، أحدهما: أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبةً له على ما فعله، والوجه الآخر: أن يكون معناه: أن صنيعه ذلك وفِعله الذي فعله في النار، على معنى أنه: معدود ومحسوب من أفعال أهل النار، والله أعلم». معالم السنن (٤/ ١٩٧).
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب اللباس، باب في قدر موضع الإزار (٦/ ١٩١) برقم: (٤٠٩٣)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الزينة، إسبال الإزار … (٨/ ٤٣٨) برقم: (٩٦٣٢) واللفظ له، وابن ماجه، أبواب اللباس، باب موضع الإزار أين هو؟ (٤/ ٥٨٣) برقم: (٣٥٧٣)، وأحمد (١٧/ ٥٢) برقم: (١١٠١٠)، صححه ابن حبان (١٢/ ٢٦٢) برقم: (٥٤٤٦)، وصحح إسناده النووي في (رياض الصالحين) (ص: ٢٦٠).
(٤) لا ينظر إليهم: معنى كون الله تعالى لا ينظر إليه أي: لا يرحمه ولا ينظر إليه نظر رحمة، ونظره سبحانه لعباده رحمته لهم ولطفه بهم. يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٦١)، طرح التثريب (٨/ ١٧١).
(٥) لا يُزَكِّيهم: زكى: الزاء والكاف والحرف المعتل أصل راجع إلى معنيين، وهما النماء والطهارة. والمراد: لا يطهرهم من الذنوب، أو لا يثني عليهم. يُنظر: مقاييس اللغة (٣/ ١٧)، فيض القدير (٣/ ٣٢٩).
(٦) المَنَّان: الذي لا يعطي شيئاً إلا منة، واعتد به على مَنْ أعطاه. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٣٦٦)، لسان العرب (١٣/ ٤١٨)، فيض القدير (٣/ ٣٢٩).، وذكر الخطابي في (معالم السنن) (٤/ ١٩٥) أن المنان يُتأول على وجهين: أحدهما: من المنة وهي إن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف كدرت الصنيعة وأفسدتها، والوجه الآخر: أن يُراد بالمن: النقص، يريد بالنقص من الحق والخيانة في الوزن والكيل ونحوهما.
(٧) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمنِّ بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف (١/ ١٠٢) برقم: (١٠٦).

<<  <   >  >>