للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حكم المصلي في الثواب» (١).

نُوقش من وجهين:

الأول: أن حديث كعب بن عُجْرَة -رضي الله عنه- في إسناده ضعف (٢).

يُمكن أن يُجاب عنه: بعدم التسليم؛ فقد تبيَّن في التخريج أن حديث كعب بن عُجْرَة وإن ضُعف من طريق فقد صححه ابن حبان من أحد طرقه، وله شواهد يتقوى بها، منها: حديث أبي هريرة.

قال الطحاوي: «لا نعلم في هذا الباب عن كعب أحسن من هذا الحديث» (٣).

وعلى فرض التسليم بضعف الحديث: فقد ذكر النووي وغيره أن حديث أبي هريرة الذي عند مسلم -الدليل الأول- هو المعتمد في الاستدلال على المسألة (٤).

الثاني: أن هذه الأحاديث معارضة بما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه شبك بين أصابعه في المسجد: من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وفي قصة ذي اليدين (٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقد ترجم البخاري على هذين الحديثين بجواز تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، ولعل مراده جواز التشبيك مطلقاً؛ لأنه إذا جاز فِعله في المسجد ففي غيره أولى بالجواز (٦).

وأحاديث النهي غير مقاومة لهذين الحديثين في الصحة ولا مساوية؛ لأنهما في الصحيحين، فيترجح الجواز وعدم الكراهة (٧).


(١) كفاية النبيه في شرح التنبيه (٤/ ٣٧٨).
(٢) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٣٦٤)، المجموع (٤/ ٥٤٤)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٥٦٦).
(٣) شرح مشكل الآثار (١٤/ ١٩٥).
(٤) يُنظر: المجموع (٤/ ٥٤٤)، النجم الوهاج (٢/ ٥٠١).
(٥) هو: الخِرْبَاقُ السُّلَمِي، كان ينزل بذي خشب من ناحية المدينة، اشتُهر بذي اليدين، له صحبة، عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين، وشهد أبو هريرة يوم ذي اليدين، وهو الراوي لحديثه، وأبو هريرة أسلم عام خيبر بعد بدر بأعوام، فهذا يبين أن ذا اليدين الذي راجع النبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذ في شأن الصلاة ليس بذي الشِّمالَين. يُنظر: الاستيعاب (٢/ ٤٧٥)، أسد الغابة (٢/ ١٦٢)، الإكمال في ذِكر مَنْ له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال (ص: ١٣٣).
(٦) يُنظر: الكواكب الدراري (٤/ ١٤١)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٥٦٦)، عمدة القاري (٤/ ٢٦١).
(٧) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ١٢٥)، نيل الأوطار (٢/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>