للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب عنه سيأتي عند مناقشة أدلة القول الثاني.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ)) (١).

الدليل الثاني: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ … الحديث)) (٢).

وجه الاستدلال: أن حديث أبي موسى يدل على جواز التشبيك مطلقاً، وحديث أبي هريرة يدل على جوازه في المسجد، وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز (٣)، وفيه أيضاً أنه -صلى الله عليه وسلم- شبك أصابعه بعد الصلاة في ظنه -صلى الله عليه وسلم-، فهو في حكم المنصرف عن الصلاة؛ فدل على أن التشبيك لا يكره إلا في الصلاة. وهذه الأحاديث معارضة لأحاديث النهي وأصح منها فالقول بالجواز أرجح (٤).

نُوقش (وهو جواب الوجه الثاني من مناقشة الدليل الثالث للقول الأول): بأنه لا تعارض بين هذه الأحاديث وأحاديث النهي، وأنه يمكن الجمع بينها (٥)، وللعلماء في الجمع بين هذه الأحاديث أوجه، منها:

١ - أن النهي محمول على التشبيك للعبث، والجواز إن كان لغير العبث، بل لقصد من المقاصد الصحيحة (٦).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (١/ ١٠٣) برقم: (٤٨١)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم (٤/ ١٩٩٩) برقم: (٢٥٨٥).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (١/ ١٠٣) برقم: (٤٨٢)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له (١/ ٤٠٣) برقم: (٥٧٣).
(٣) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٥٦٦)، عمدة القاري (٤/ ٢٦١).
(٤) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٣٦٤)، نيل الأوطار (٢/ ٣٨٧).
(٥) يُنظر: المتواري على أبواب البخاري (ص: ٩٠)، فتح الباري، لابن رجب (٣/ ٤٢٣).
(٦) يُنظر: الكواكب الدراري (٤/ ١٤١)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٤٢).

<<  <   >  >>