للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (١)، فاستُعير لذهاب الخشوع اختلاس الشيطان؛ تصويراً لقبح تلك الفِعلة، أو أن المصلي حينئذ مستغرق في مناجاة ربه، وأنه تعالى مقبل عليه، والشيطان كالراصد ينتظر فوات تلك الفرصة عنه، فإذا التفت المصلي اغتنم الفرصة فيختلسها منه» (٢).

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِثَلَاثٍ، وَنَهَانِي عَنْ ثَلَاثٍ: أَمَرَنِي بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ، وَالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَنَهَانِي عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الالتفات في الصلاة، وهو للكراهة (٤)؛ لأن فيه مشابهة الحيوانات، والصلاة تُصان عن مثل ذلك.

ثالثاً: اتفق الفقهاء (٥) على جواز الالتفات في الصلاة للحاجة.

الأدلة:

الدليل الأول: عن جابر -رضي الله عنه- قال: ((اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَاماً، فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا، فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُوداً)) (٦).

الدليل الثاني: عن سهل ابن الحنظلية (٧) -رضي الله عنه- قال: ((ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ -يَعْنِي: صَلَاةَ الصُّبْحِ- فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ) قال أبو داود: وكان أرسل


(١) سورة المؤمنون: الآية (٢).
(٢) شرح المشكاة (٣/ ١٠٧٠).
(٣) سبق تخريجه: ص (٣٩٢).
(٤) يُنظر: نيل الأوطار (٢/ ٣٢٠).
(٥) يُنظر: البناية (٢/ ٤٣٩)، حاشية الطحطاوي (ص: ٣٤٧)، مواهب الجليل (١/ ٥٤٨)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٤)، بحر المذهب (٢/ ٩٠)، المجموع (٤/ ٩٦)، المغني (٢/ ٧)، الإنصاف (٣/ ٥٨٨).
(٦) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام (١/ ٣٠٩) برقم: (٤١٣).
(٧) هو: سهل بن الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد الأنصاري، من بني حارثة، والحنظلية: أمه، وقيل: هي أم جده، وإليها يُنسب، وبها يُعرف، وكان ممَّن بايع تحت الشجرة، وكان فاضلاً معتزلاً عن الناس، كثير الصلاة والذكر، وكان عقيماً لا يُولد له، له أخ يُسمى سعداً وأخ يُسمى عقبة، ولهم صحبة، سكن الشام ومات بدمشق في أول أيام معاوية. يُنظر: الاستيعاب (٢/ ٦٦٢)، أسد الغابة (٢/ ٥٧١).

<<  <   >  >>