للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن في الحديث دلالة على أن الإشارة في الصلاة مكروهة على العموم، ومنه: رد السلام بالإشارة، والكراهة للتنزيه، وفَعَله -صلى الله عليه وسلم- بياناً للجواز (١).

نُوقش من وجهين:

الوجه الأول: بأن الحديث وهم، وأن راويه فيه مقال كما تبين في التخريج.

أُجيب: بأن الحديث جيد، وراويه وُثِّق (٢).

رُدَّ: بأن آخر زيادة في الحديث هو مدرج، ليس هو من تمام الحديث المرفوع، وهذا هو الظاهر، وهذا يدل على أن الراوي ليس هو ممن وُثِّق، بل هو غيره (٣).

الوجه الثاني: أنه قد ثبتت الإشارة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة في آثار كثيرة -كأحاديث جابر، وصهيب، وبلال المتقدمة- ذكرها البخاري في آخر كتاب الصلاة، فلا معنى لقول مَنْ أنكر رد السلام بالإشارة (٤)، وبيان الجواز إنما يكون بالمرة والمرتين.

الدليل الرابع: أن الإشارة سلامٌ معنًى؛ لكونه ينوب عن الرد باللسان (٥).

سبب الخلاف:

السبب في اختلافهم: هو اختلافهم في معنى إشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، هل كانت رداً للسلام أو كانت نهياً عنه؟ فمَن رأى أن إشارته كانت رداً، وحمل النهي في الأحاديث على الرد باللسان كلاماً -قال: يجوز الرد إشارةً، ومَن رأى أن إشارته كانت نهياً، وجعل النهي عاماً في اللسان واليد -قال: يُكره الرد إشارةً.

الترجيح:


(١) يُنظر: تبيين الحقائق (١/ ١٦٣)، حاشية الطحطاوي (ص: ٣٢٢).
(٢) يُنظر: نصب الراية (٢/ ٩٠). ويُنظر التخريج.
(٣) يُنظر الرد في التخريج.
(٤) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٣/ ٢٠٧)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٩/ ٣١٥).
(٥) يُنظر: البناية (٢/ ٤٤٢)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٦٢).

<<  <   >  >>