للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا بمدينته على عهده دلت على أمور: أحدها: هو اشتراك الرجال والنساء في الاغتسال من إناء واحد وإن كان كل منهما يغتسل بسؤر الآخر، وهذا مما اتفق أئمة المسلمين بلا نزاع بينهم على أن الرجل والمرأة أو الرجال والنساء إذا توضؤوا واغتسلوا من ماء واحد جاز كما ثبت ذلك بالسنن الصحيحة المستفيضة» (١).

أدلة الإجماع:

الدليل الأول: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ((أُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِإِنَاءٍ وَهُوَ بالزَّوْرَاء (٢)، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ)) (٣).

الدليل الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلَانَا جُنُبٌ)) (٤).

الدليل الثالث: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: ((كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّؤُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- جَمِيعاً)) (٥).

وجه الاستدلال: أن الأحاديث ظاهرة الدلالة على جواز اجتماع الرجل والمرأة للتطهر من إناء واحد، فإذا اجتمعا فقد اغتسل كل واحد منهما بفضل صاحبه (٦).

ثانياً: محل النزاع:

اختلف الفقهاء في استعمال الرجل فضل طهور المرأة إن خلت به (٧)، على ثلاثة


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٠).
(٢) الزَّوْرَاءُ -بتقديم الزاي على الراء، وبالمد-: مكان معروف بالمدينة عند السوق، قرب المسجد، يُنظر: معجم البلدان (٣/ ١٥٦)، مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع (٢/ ٦٧٤).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (٤/ ١٩٢) برقم: (٣٥٧٢).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض (١/ ٦٧) برقم: (٢٩٩)، ومسلم، كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء فِي غسل الجنابة وغسل الرجل والمرأة فِي إناء واحد (١/ ٢٥٦) برقم: (٣٢١).
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة (١/ ٥٠) برقم: (١٩٣).
(٦) يُنظر: مختصر المزني (٨/ ٩٨)، الحاوي الكبير (١/ ٢٢٩)، المغني (١/ ١٥٨).
(٧) خلوة المرأة بالماء: الخلوة في اللغة من: خلا الشيء يخلو خلوا، وخَلَوْتُ به خَلْوَةً وخَلاءً، خلا إليه: اجتمع معه في خلوة. يُنظر: الصحاح (٦/ ٢٣٣٠)، مختار الصحاح (ص: ٩٦).
اختلف الفقهاء في المراد بالخلوة، على قولين: الأول: انفرادها بالاستعمال، سواء شوهدت أم لا، وهذا مذهب الجمهور، ورواية عن أحمد. الثاني: أن تخلو به فلا يشاهدها مميز، سواء كان ذكراً أم أنثى، وهو المشهور عند المتأخرين من الحنابلة. يُنظر: شرح معاني الآثار (١/ ٢٦)، المجموع (٢/ ١٩١)، شرح الزركشي (١/ ٢٩٨)، المبدع (١/ ٣٥).

<<  <   >  >>