للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك لا ينجس الماء، ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت في الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضؤ منه أن حكم ذلك سواء، فلما كان ذلك كذلك، وكان وضوء كل واحد من الرجل والمرأة مع صاحبه لا ينجس الماء عليه -كان وضوؤه بعده من سؤره -من النظر- أيضاً كذلك» (١).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن الحكم بن عمرو -رضي الله عنه- وهو الأقرع: ((أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ)) (٢).

وجه الاستدلال: أن ظاهر النهي يدل على منع الرجل استعمال فضل طهور المرأة (٣)، والأصل في النهي التحريم إلا لقرينة صارفة، ولا قرينة.

نُوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن الحديث ضعيف، فلا يصح النهي (٤).

وأُجيب عنه: بأن رواية الإمام أحمد -رحمه الله- للحديث واحتجاجه به، يُقدم على التضعيف؛ لاحتمال أن يكون قد رُوي من وجه آخر صحيح خفي على مَنْ ضعفه (٥).

الوجه الثاني: أن دلالة الحديث غير صريحة على أن المرأة إذا خلت بالماء لا يجوز للرجل استعماله.

وأُجيب: بأنه يُحمل على ما إذا خلت به؛ جمعاً بين الأحاديث (٦).

الدليل الثاني: عن حُمَيْدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ (٧) قال: لقيت رجلاً قد صحب


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٢٦).
(٢) سبق تخريجه: ص (٦٥).
(٣) يُنظر: المغني (١/ ١٥٧)، شرح الزركشي (١/ ٣٠١).
(٤) يُنظر: المجموع (٢/ ١٩١)، تحفة المحتاج (١/ ٧٧).
(٥) يُنظر: المغني (١/ ١٥٨).
(٦) يُنظر: كشاف القناع (١/ ٣٧).
(٧) هو: حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيّ، تابعي ثقة، يروي عن: أبي هريرة، وعبد الله بن عباس، وأبي بكر الثقفي، وابن عمر، روى عنه: محمد بن سيرين، وأَبُو التَّيَّاح يزيد بن حميد، وداود بن عبد الله الْأَوْدِيّ، ومحمد بن المنتشر، قال ابن سيرين: «كان حميد بن عبد الرحمن أفقه أهل البصرة قبل موته بعشر سنين». يُنظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد (٧/ ١٤٧)، تجريد الأسماء والكنى المذكورة في كتاب المتفق والمفترق (١/ ١٥٦)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>