للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في غير البيوت: فلم تطلع هي عليه، وقد حفظه حذيفة، وهو من كبار الصحابة (١).

الدليل الثالث: حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَبُولَ قَائِماً)) (٢).

وجه الاستدلال: أن في الحديث نهياً عن البول قائماً، ويُحمل على الكراهة؛ لوروده في باب التنزيه والإرشاد (٣).

نُوقش: بأن الحديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حجة (٤).

سبب الخلاف:

تعارض ظاهر الأحاديث المثبتة لبول النبي -صلى الله عليه وسلم- قائماً مع الأحاديث النافية له، والأحاديث الناهية عنه.

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بجواز البول قائماً وإن كان لغير عذر، إن أمن تلوثاً وناظراً، غير أن البول قعوداً أفضل؛ لأنه غالب فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال ابن المنذر في (الأوسط): «يبول جالساً أحب إليَّ؛ للثابت عن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أنه بال جالساً، ولأن أهل العلم لا يختلفون فيه، ولا أنهي عن البول قائماً لثبوت حديث حذيفة» (٥).

أسباب الترجيح:

١ - أن الأصل الإباحة، ولم يصح شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن البول قائماً.

٢ - أن حكاية الأخبار عن بوله -صلى الله عليه وسلم- قاعداً لا ينافي جواز البول قائماً، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-


(١) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٣٣٠)، عمدة القاري (٣/ ١٣٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب في البول قاعدا (١/ ٢٠٦) برقم: (٣٠٩)، قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) (١/ ٤٥): «إسناد حديث جابر ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف عدي بن الفضل».
(٣) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٥).
(٤) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٤)، ويُنظر تخريج الحديث.
(٥) (١/ ٣٣٨).

<<  <   >  >>