للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُمَرُ، لَا تَبُلْ قَائِماً قَالَ: فَمَا بُلْتُ قَائِماً بَعْدُ)) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن البول قائماً، ويُحمل على الكراهة لا التحريم؛ لعلة خوف التَّرَشُش والتنجس (٢).

نُوقش: أن الحديث إسناده ضعيف فلا يثبت (٣)، وتبين ذلك في تخريج الحديث.

الدليل الثاني: استدلوا بحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَبُولُ قَائِماً فَلَا تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِداً)) (٤).

وجه الاستدلال: هذا الإنكار منها يقتضي أن المعلوم من عادته -صلى الله عليه وسلم- البول من قعود، فيُحمل الخبر على الكراهة لا التحريم (٥)، ولأن الأغلب عندها: أن مَنْ بال قائماً لا يكاد يسلم من إصابة البول ثيابَه وبدنَه (٦).

نُوقش من وجهين:

الأول: بأنه ليس في الحديث ما يدل على كراهية البول قائماً، وقد ورد عنها أيضاً: ((فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يَبُولُ جَالِساً)) (٧)، فليس فيه دليل على المنع؛ لأنه قد يجوز أن يبول جالساً في وقت، ويبول قائماً في وقت آخر، فلم تحكِ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على كراهية البول قائماً (٨).

الثاني: أن ما أخبرتْ به مستند إلى علمها، فيُحمل على ما وقع منه في البيوت، وأما


(١) سبق تخريجه ص: (٩١).
(٢) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٤).
(٣) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٤)، عمدة القاري (٣/ ١٣٦).
(٤) أخرجه الترمذي، أبواب الطهارة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب النهي عن البول قائماً (١/ ٦٠) برقم: (١٢)، وقال: «وفي الباب عن عمر، وبريدة، حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح»، وأخرجه ابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب في البول قاعداً (١/ ٢٠٥) برقم: (٣٠٧)، جوّد إسناده النووي في (المنهاج) (٣/ ١٦٦)، وقال الألباني في (إرواء الغليل) (١/ ٩٥): «سنده صحيح على شرط مسلم».
(٥) المجموع (٢/ ٨٥)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٤٤).
(٦) شرح معاني الآثار (٤/ ٢٦٧).
(٧) أخرجه ابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب في البول قاعداً (١/ ٢٠٥) برقم: (٣٠٧)، صححه الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه) (١/ ٣٧٩).
(٨) يُنظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٢٦٧).

<<  <   >  >>