للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (١)، وقد رجح الإمام ابن جرير رحمه اللَّه أن هذه الآية تدخل فيها صلاة التطوع في السفر على الراحلة حيثما توجهت بك راحلتك (٢). وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه عن الإمام الطبري رحمه اللَّه أنه احتج للجمهور: أن اللَّه جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، وقد أجمعوا على أن من كان خارج المصر على ميل أو أقل ونيته العود إلى منزله لا إلى سفر آخر ولم يجد ماءً أنه يجوز له التيمم، فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له التنفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة (٣).

٨ - السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر، والوتر؛ لحديث حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتةٌ نحوَ (٤) حيثُ صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، ثم


(١) سورة البقرة، الآية: ١١٥.
(٢) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٣/ ٥٣٠، و٥٣٣، وانظر: المغني لابن قدامة، ٢/ ٩٥ - ٩٦.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٢/ ٥٧٥، وقد ذكر صاحب المغني أن الأحكام التي يستوي فيها السفر الطويل والقصير ثلاثة: التيمم، وأكل الميتة في المخمصة، والتطوع على الراحلة، وبقية الرخص تختص بالسفر الطويل. المغني لابن قدامة، ٢/ ٦٩.
(٤) المقصود: حصلت منه التفاتةٌ إلى جهة المكان الذي صلَّى فيه. انظر: شرح النووي، ٥/ ٢٠٤.

<<  <   >  >>