[المبحث الرابع عشر: التلبية: مفهومها، وألفاظها، وحكمها، ووقتها، وفوائدها:]
أولاً: مفهومها:
التلبية: من لبَّى بمعنى: أجاب، فلفظة ((لبيك)) مثناة على قول سيبويه والجمهور، وتثنيتها للتكثير، والتكرير: أي إجابة لك بعد إجابة، ولزوماً لطاعتك، وقال الأنباري: ثنُّوا لبيك، كما ثنُّوا حنانيك: أي تحنّناً بعد تحنُّن، وأصل لبيك: لببتك.
وقال القاضي عياض:((اختلفوا في معنى لبيك، واشتقاقها:
فقيل: معناها: اتجاهي وقصدي إليك، مأخوذ من قولهم: داري تلبُّ دارك: أي تواجهها.
وقيل: معناها: محبتي لك، مأخوذ من قولهم: امرأة لبَّة، إذا كانت محبة لولدها، عاطفة عليه.
وقيل: معناها: إخلاصي لك مأخوذ من قولهم: حبٌّ لباب، إذا كان خالص محضاً ومن ذلك لب الطعام ولبابه.
وقيل: معناها: أنا مقيم على طاعتك وإجابتك، مأخوذ من قولهم: لبّ الرجل بالمكان، وألبَّ به إذا أقام فيه، قال ابن الأنباري: وبهذا قال الخليل.
قال القاضي: قيل هذه الإجابة لقوله تعالى لإبراهيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ}.
وقال إبراهيم الحربي في معنى لبيك: أي قرباً منك وطاعة، والإلباب
القرب، وقال أبو نصر: معناه: أنا ملب بين يديك: أي خاضع)) (١).
(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ٨/ ٣٣٧ - ٣٣٨، وانظر: أضواء البيان للشنقيطي، ٥/ ٣٥١، وتهذيب السنن لابن القيم، المطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري، ومعالم السنن للخطابي، ٢/ ٣٣٥ - ٣٣٦، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، ٤/ ٢٢٢، وفتح الباري، لابن حجر، ٣/ ٤٠٩.