للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني والثلاثون: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق]

يرجع الحاج بعد طواف الإفاضة، والسعي ممن عليه سعي، إلى منى، فيبيت بها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر لمن أراد التأخر، وهذا المبيت واجب من واجبات الحج إلا على السقاة، والرعاة، ونحوهم فلا يجب عليهم، ووجوب المبيت بمنى في هذه الليالي ثبت بأدلة صحيحة صريحة على النحو الآتي:

أولاً: قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (١).

ثانياً: بات النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى ليالي التشريق، وقال: ((خذوا عني مناسككم لعلّي لا أراكم بعد عامي هذا))، وهذا لفظ البيهقي، ولفظ مسلم: ((لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي

هذه)) (٢)، فعلينا أن نأخذ عنه من مناسكنا البيتوتة بمنى ليالي التشريق.

ثالثاً: أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فعن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما: ((أن العباس - رضي الله عنه - استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له)) (٣)، فدل هذا على وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق؛ لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن

مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة.


(١) البقرة، الآية: ٢٠٣.
(٢) مسلم، برقم ١٢٩٧، والبيهقي، ٥/ ١٢٥.
(٣) متفق عليه: البخاري، برقم ١٧٤٣ - ١٧٤٥، ورقم ١٦٣٤، ومسلم، برقم ١٣١٥، وتقدم تخريجه في واجبات الحج.

<<  <   >  >>