للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يدل على شدّة الحرِّ في أول النهار، ومعلوم عند جميع الناس أن وقت زوال الشمس وبعده بقليل يكون أشدَّ حرّاً من أول النهار، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحكمة من النهي عن الصلاة حتى تزول الشمس هو: أن جهنم حينئذٍ تُسْجَرُ (١)، وبعد الزوال يكون الحرُّ في الغالب قد اشتدَّ على الأرض، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - بالإبراد بصلاة الظهر، في شدّة الحرِّ (٢).

فلما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعمَّد أن يؤخِّر الرمي حتى تزول الشمس مع أنه أشقُّ على الناس دلَّ هذا على أن الرمي قبل الزوال في أيام التشريق لا يجوز ولا يجزئ (٣).

الدليل الحادي عشر: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بادر بالرمي حين زالت الشمس، فرمى قبل أن يصلّي الظهر، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - يترقَّب زوال الشمس ليرمي ثم ليصلِّي الظهر، ولو كان الرمي جائزاً قبل الزوال لفعله - صلى الله عليه وسلم - ولو

مرة واحدة بياناً للجواز، أو فعله بعض الصحابة، وأقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤).

حتى في اليوم الثالث عشر يوم النفر لم يرمِ إلا بعد الزوال، وهو يريد أن يصلّي بالمحصب ((الأبطح)) صلاة الظهر، وهذا يدل دلالة قاطعة أنه لو كان جائزاً لعجّل الرمي قبل الزوال، واللَّه تعالى المستعان.


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، بَاب إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، برقم ٨٣٢.
(٢) متفق عليه، البخاري، مواقيت الصلاة، بَاب الإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، برقم ٥٠٢، مسلم، المساجد ومواضع الصلاة، بَاب اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي إِلَى جَمَاعَةٍ وَيَنَالُهُ الْحَرُّ فِي طَرِيقِهِ، برقم ١٤٣٠.
(٣) الشرح الممتع، لابن عثيمين، ٧/ ٣٨٤.
(٤) المرجع السابق، ٧/ ٣٨٥.

<<  <   >  >>