(٢) المرجع السابق، ٥/ ٥٠٧. (٣) أضواء البيان، ٥/ ٥٠٧. (٤) سورة البقرة، الآية: ١٩٦. (٥) أضواء البيان، ٥/ ٥٠٧. (٦) اختلف العلماء رحمهم اللَّه تعالى في مَن اعتمر في أشهر الحج، ثم سافر، ثم حج من عامه ولم يعتمر عمرة في عودته إلى مكة، هل يكون متمتعاً يلزمه الهدي؟ أو يكون مفرداً لا يلزمه الهدي؟ على أقوال على النحو الآتي: القول الأول: إذا عاد إلى بلده الذي سافر منه انقطع التمتع بالعمرة، قال العلامة الشنقيطي رحمه اللَّه في أضواء البيان، ٥/ ٥٠٦: ((والحاصل: أن الأئمة الأربعة متفقون على أن السفر بعد العمرة، والإحرام بالحج من منتهى ذلك السفر مسقط لدم التمتع، إلا أنهم مختلفون في قدر المسافة))، فهذا القول يقول أصحابه: لا بد أن يرجع بعد العمرة في أشهر الحج إلى المحلِّ الذي جاء منه، ثم ينشئ سفراً للحج، ويحرم من الميقات. القول الثاني: يكفيه أن يرجع إلى بلده، أو يسافر مسافة مساوية لمسافة بلده. القول الثالث: يكفيه أن يسافر مسافة قصر. القول الرابع: يكفيه أن يرجع لإحرام الحج إلى ميقاته. ودليل هذه الأقوال ما فهموه من قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [سورة البقرة: ١٩٦]، فقالوا: لا فرق بين حاضري المسجد الحرام، وبين غيرهم، إلا أن غيرهم ترفَّهوا بإسقاط أحد السفرين الذي هو السفر للحج، بعد السفر للعمرة، وإن سافر للحج بعد العمرة زال السبب، فسقط الدم بزواله، وعضدوا ذلك بآثار رووها، عن عمر، وابنه رضي اللَّه عنهما. قال الشنقيطي رحمه اللَّه في أضواء البيان، ٥/ ٥٠٧: ((والأحوط عندي: إراقة دم التمتع، ولو سافر لعدم صراحة دلالة الآية، في إسقاطه؛ وللاحتمال الآخر الذي تمسك به البخاري والحنفية [يعني أن البخاري والحنفية يرون أن الإشارة في قوله تعالى: ((ذلك)) راجعة إلى نفس التمتع، وأن أهل مكة لا متعة لهم أصلاً، فلا دليل في الآية على أقوال الأئمة الأربعة. وعلى القول الآخر: إن الإشارة راجعة إلى حكم التمتع، وهو لزوم ما استيسر من الهدي والصوم عند العجز عنه، لا نفس التمتع، فاستدلال الأئمة بها على الأقوال المذكورة له وجه من النظر كما ترى]. وممن قال بذلك [أي قول البخاري، والحنفية]: الحسن، واختاره ابن المنذر لعموم الآية، قاله في المغني. والعلم عند اللَّه تعالى [أضواء البيان، ٥/ ٥٠٧]. ورجَّح شيخنا ابن باز رحمه اللَّه في الفتاوى، ١٦/ ١٣٠، ١٧/ ٩٥ - ١٠٦، القول الأول، ونسبه إلى جمهور أهل العلم، وهو أن من اعتمر في أشهر الحج، ثم رجع إلى أهله، ثم أحرم بالحج من الميقات مفرداً فليس عليه دم التمتع؛ لأنه في حكم من أخَّر الحج، وهو قول عمر وابنه عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، أما من سافر إلى غير بلده، كأن يسافر إلى المدينة، أو جدة، أو الطائف، أو غيرها، ثم رجع محرماً بالحج، فإن ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في أصح قولي العلماء، وعليه هدي التمتع، وقال رحمه اللَّه: ((والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً وأن عليه الهدي؛ لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ... والأظهر واللَّه أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي اللَّه عنهما، ... ذكر ذلك أبو محمد بن حزم وغيره، لا سيما وهو قول الخليفة الراشد عمر))، فإن أراد أن يأتي بعمرة جديدة بعد سفره فإنه يكون متمتعاً عند الجميع)).