للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١)، وما فعله - صلى الله عليه وسلم - فقد آتاناه؛ لأنه هو الُمشرِّع لنا، بأقواله، وأفعاله، وتقريراته.

الدليل السابع: قول اللَّه تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (٢)، ومن اتِّباعه التأسِّي به - صلى الله عليه وسلم - في فعله، وصيغة الأمر في قوله: ((فَاتَّبِعُونِي)) للوجوب.

الدليل الثامن: من أوضح الأدلة الثابتة في ذلك الأحاديث المتفق عليها، التي لا مطعن فيها بوجه من الوجوه: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بفسخ حجّهم في عمرة، وأن يحلُّوا منها الحلّ كله، ثم يحرموا بالحج، وتأسَّف على أنه لم يفعل مثل فعلهم، وقال: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)) (٣)، فالذي منعه من ذلك: أنه ساق الهدي، فلو كان هدي التمتع يجوز ذبحه بعد الإحلال من العمرة؛ لجعل

الحج عمرة، وأحلّ منها، ونحر الهدي بعد الإحلال منها، ولكن المانع الذي منعه من ذلك هو عدم جواز النحر في ذلك الوقت، والحلق الذي لا يصح إحلاله دونه معلق على بلوغ الهدي مَحِلَّه، كما قال اللَّه تعالى:

{وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٤).

وقد بيَّن - صلى الله عليه وسلم - بفعله الثابت عنه أن محِلَّه: منى يوم النحر، وقد ثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق وأمر بذلك، ولكنه بيَّن أن من قدَّم الحلق على النحر: لا حرج عليه، ولا شيء عليه، ولا خلاف أنه كان يوم


(١) سورة الحشر، الآية: ٧.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٣١.
(٣) مسلم، برقم ١٢١٨، وتقدم تخريجه.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.

<<  <   >  >>