للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان، من التنعيم، أو عرفات، أو الجعرانة، أو الشميسي موضع صلح الحديبية، أو غير ذلك من الأمكنة خارج الحرم؛ فإن جماهير أهل العلم على أن المكي لا يحرم بالعمرة من مكة، بل يخرج إلى الحلِّ ويُحرم منه، وهو قول الأئمة الأربعة، وأصحابهم، وحكى غير واحدٍ عليه الإجماع (١).

قال الإمام ابن قدامة رحمه اللَّه: ((أهل مكة من كان بها، سواء كان مقيماً بها، أو غير مقيم؛ لأن كل من أتى على ميقات كان ميقاتاً له، فكذلك كل من كان بمكة فهي ميقاته للحج، وإن أراد العمرة فمن الحلِّ، لا نعلم في هذا خلافاً)) (٢)؛ ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة رضي اللَّه عنها من التنعيم (٣)، وهو أدنى الحل إلى مكة؛ وإنما لزم الإحرام من الحلِّ؛ لقصة عائشة، وليجمع المحرم بالعمرة في النسك

بين الحلِّ والحرم؛ فإنه لو أحرم من الحرم لما جمع بينهما فيه؛ لأن أفعال العمرة كلها في الحرم بخلاف الحج فإنه يفتقر إلى الخروج إلى عرفة فيجتمع له الحل والحرم، والعمرة بخلاف ذلك (٤). وهذا هو الصواب.

والصواب أن أهل مكة الذين هم أهلها المقيمون بها لهم أن يتمتَّعوا، ويقرنوا، وليس عليهم هدي.

قال العلامة الشنقيطي رحمه اللَّه: ((أقرب أقوال أهل العلم عندي


(١) أضواء البيان، للشنقيطي، ٥/ ٣٢٨.
(٢) المغني لابن قدامة، ٥/ ٥٩.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، برقم ١٧٨٤، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم ١٢١٢.
(٤) المغني لابن قدامة، ٥/ ٥٩ - ٦٠، وأضواء البيان للشنقيطي، ٥/ ٣٢٩ - ٣٣٠.

<<  <   >  >>