للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وقد شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ (١) الزِّمَامَ. حتى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ (٢). وَيَقُولُ بيده اليمنى (٣): ((أَيُّهَا الناس السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ)) (٤) كُلَّمَا أتى حَبْلًا من الْحِبَالِ (٥) أَرْخَى لها (٦) قَلِيلًا حتى تَصْعَدَ، حتى أتى الْمُزْدَلِفَةَ (٧)، فَصَلَّى بها الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ ولم يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شيئاً (٨)، ثُمَّ اضْطَجَعَ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حتى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ حين تَبَيَّنَ له الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حتى أتى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فلم يَزَلْ وَاقِفًا حتى أَسْفَرَ جِدًّا (٩) فَدَفَعَ

قبل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بن عَبَّاسٍ وكان رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ


(١) (وقد شنق للقصواء) شنق ضم وضيق.
(٢) (مورك رحله) قال الجوهري: قال أبو عبيدة: المورك والموركة هو الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا ملّ الركوب. وضبطه القاضي بفتح الراء قال: وهو قطعة أدم يتورك عليها الراكب تجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة.
(٣) (ويقول بيده) أي مشيراً بها.
(٤) (السكينة السكينة) أي الزموا السكينة. وهي الرفق والطمأنينة.
(٥) (كلما أتى حبلاً من الحبال) الحبال جمع حبل. وهوالتل اللطيف من الرمل الضخم. وفي النهاية: قيل: الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل.
(٦) (أرخى لها) أي أرخى للقصواء الزمام وأرسله قليلاً.
(٧) (المزدلفة) معروفة. سميت بذلك من التزلف والازدلاف، وهو التقرب، لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي مضوا إليه وتقربوا منها. وقيل: سميت بذلك لمجيء الناس إليها في زلف من الليل، أي ساعات.
(٨) (ولم يسبح بينهما شيئاً) أي لم يصلّ بينهما نافلة.
(٩) (حتى أسفر جداً) الضمير في أسفر يعود إلى الفجر المذكور أولاً. وقوله: جداً، بكسر الجيم، أي إسفاراً بليغاً.

<<  <   >  >>