للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: ((أليس بيوم النحر؟) قلنا: بلى يا

رسول اللَّه! قال: ((فأي شهر هذا؟) قلنا: اللَّه ورسوله أعلم [فسكت] حتى ظننا أنه سيسمه بغير اسمه، فقال: ((أليس بذي الحجة؟) قلنا: بلى يا رسول اللَّه. قال: ((فأي بلد هذا؟))، قلنا اللَّه ورسوله أعلم [فسكت] حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: ((أليست البلدة الحرام؟) قلنا: بلى يا رسول اللَّه، قال: ((إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا [وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي كفاراً] [أو ضُلاَّلاً] يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد [منكم] الغائب [فَرُبَّ مُبلَّغ أوعى من سامع] أَلاَ هل بلَّغت) وفي رواية لمسلم: ((ثم انكفأ (١) إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جُزيعةٍ من الغنم (٢) قسمها بيننا، وفي رواية للبخاري ومسلم: ((إن الزمان قد استدار (٣) كهيئته يوم خلق اللَّه السموات والأرض: السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة

متوالياتٌ: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مُضَرَ الذي بين


(١) انكفأ: أي انقلب. انظر: شرح النووي، ١١/ ١٨٣.
(٢) جزيعة من الغنم: الجزيعة: القطعة من الغنم، تصغير جِزْعة بالكسر، وهو القليل من الشيء، يقال: جزع له جِزْعةً من المال، أي: قطع له منه قطعة. [النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الجيم مع الزاي، ١/ ٢٦٩].
(٣) إن الزمان قد استدار: قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، ١١/ ١٨١: (( ... قال العلماء: معناه: أنهم في الجاهلية يتمسّكون بملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات، فكانوا إذا احتاجوا إلى القتال أخَّروا تحريم المحرّم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر، ثم يؤخرونه إلى السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريمهم، وقد تطابق الشرع وكانوا في تلك السنة قد حرَّموا ذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرناه، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الاستدارة صادفت ما حكم اللَّه به يوم خلق السموات والأرض)).

<<  <   >  >>